A+ A-

(الدهن العداني) الكويتي القديم امتاز بجودته العالية ومذاقه الطيب

من سارة المخيزيم (تقرير) الكويت - 24 - 5 (كونا) -- تميز أهل الكويت قديما بصناعة (الدهن العداني) او السمن البلدي من حيث الجودة العالية والمذاق الطيب وذلك لاستخدامهم خلطة خاصة تمتاز بنكهتها الفريدة.
وعن صناعة (الدهن العداني) في الكويت قديما قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إن الدهن العداني أو السمن البلدي يصنع من الزبدة المستخرجة من لبن الغنم وأفضل أنواعها (العرب) حيث يتم تجميع الزبد بعد فصله عن اللبن ووضعه في قدر من (الصفر) أي النحاس لطبخه باستخدام الحطب كوقود.
وأوضح جمال انه كان يضاف الى الزبد شيء من البصل والكركم والهيل وحبة الحلوة وقليل من الثوم أثناء طبخه لإزالة (الزفرة) وهي الرائحة أو النكهة التي تغلب عليها (الزنخة) ويستمر طبخ الزبد لفترة معينة لتتبخر منه أكبر كمية من الماء ثم يضاف اليه شيء من الارز المسلوق قليلا ليمتص بقية الماء المتبقي فيه.
وأضاف انه عند نضوج الزبدة تترك في القدر لفترة إلى ان تبرد ثم يتم (شخلها) أي تصفيتها في قطعة من القماش المصنوع من الصوف وتسمى (شملة) لفصل حبات الارز وبقية الشوائب عنها ثم يتم تفريغها في أوان خاصة تمهيدا لتعبئتها في (عكيك) ومفردها عكة وهي قربة مصنوعة خصيصا لتعبئة الدهن العداني فيها.
وأشار الى أن كميات كبيرة من ذلك الدهن كانت تباع في مدينة الكويت حيث ينقل إليها بواسطة الحمير وهو معبأ في (العكيك) ويعرض في (ساحة الصفاة) فيشتري معظمه (الشريطية) وهم الدلالون واصحاب الدكاكين ثم يقومون بتفريغه في علب معدنية يتم لحمها واغلاقها باحكام للمحافظة على جودة الدهن وطعمه لاطول فترة ممكنة.
وبين جمال أن بعض الكميات من الدهن العداني الكويتي كانت ترسل على ظهور الحمير لبيعها في الاحساء والقطيف كما كانت تصدر منه كميات محدودة الى ايران والعراق والبحرين.
وذكر أن الدهن العداني يكتسب جودته من الأعشاب التي تنمو في بر العدان وتتغذى عليها الأغنام وهي ذات خاصية مميزة تعطي اللبن نكهة يرغب فيها اغلب المشترين لطيب رائحتها ولذة طعم السمن المستخرج منه مبينا ان كمية اللبن التي تدرها الاغنام اثناء فترة الربيع تكون مضاعفة نتيجة تناولها لتلك الاعشاب ذات القيمة الغذائية العالية.
وأوضح أن هناك انواعا اخرى من الاغنام ذات الجودة العالية والمتوسطة منها النجدية والدعية والنعيمية والخكرية لكن لبنها والزبدة المستخرجة منها لا تصل في جودتها الى مستوى المنتجات المستخرجة من (الغنم العرب) وخاصة منها الدهن العداني.
وأفاد بأن السوق الكويتي كان يحوي أنواعا اخرى من الدهن لكن المشترين لم يكونوا يرغبون بها نظرا لطرق تحضيرها والخلطات المستخدمة فيها.
واضاف ان (المعدان) وهم بدو العراق كانوا على سبيل المثال يحضرون الى الكويت السمن الخاص بهم والذي يستخدمون عند طبخه خلطات مختلفة لا تعطي نفس الجودة التي يتميز بها الدهن العداني كما انهم لا يطبخون الزبدة لفترة كافية ما يؤدي الى بقاء كميات من المياه فيها فينتج عن ذلك تلف السمن بعد فترة قصيرة من الزمن فتصبح رائحته غير محببة.
وقال انه نظرا لجودة الدهن العداني الكويتي فقد كان يباع بسعر اعلى من بقية الانواع اذ يصل سعر الاوقية منه الى أربع روبيات بينما لا يكاد يصل سعر اوقية دهن المعدان الى روبيتين ونصف الروبية.
وأشار الى أن كمية انتاج الدهن العداني كانت تقل في فصل الصيف نظرا لقلة ادرار الاغنام للبن في هذه الفترة بسبب قلة الاعشاب كما ان كمية الزبدة الممكن فصلها عن اللبن تكون أقل نظرا لارتفاع درجة حرارة اللبن وعدم امكانية فصل كميات كبيرة من الزبد عنه لذوبانها فيه اما في فصل الشتاء فتجمد الزبدة ما يسهل عملية فصلها عن اللبن.
يذكر أن الاغنام (العرب) تتميز عن غيرها من الاغنام بالشكل والحجم فهي كبيرة الحجم ذات قامة مرتفعة يكسوها الشعر الغليظ الداكن السواد المجعد وإذا ما كبرت بالسن يبدأ الشعر الابيض او الشيب بالنمو في جسمها فيختلط بالشعر الاسود.(النهاية) س م / ط أ ب