A+ A-

الهند.. المقر الثاني لتجار الكويت قديما

من سارة المخيزيم (تقرير)

الكويت -26 - 4 (كونا) -- اتخذ تجار كويتيون قديما بعض البلدان ذات العلاقة التجارية مع الكويت مقرا لهم لإدارة أعمالهم التجارية ومتابعتها مباشرة حيث تأقلم هؤلاء مع طبيعة المعيشة في تلك البلدان وتعلموا لغاتها المحلية وبنوا علاقات اجتماعية وطيدة وصلت عند البعض الى الزواج من تلك الديار والإقامة فيها.
وعن هذا الموضوع قال الباحث في التراث الكويتي محمد جمال في كتابه (الحرف والمهن والأنشطة التجارية القديمة في الكويت) إن عددا من العائلات الكويتية عاشت في الهند سنوات طويلة خلال الفترة الممتدة من منتصف القرن ال19 إلى ما بعد منتصف القرن ال20 بعدما توسعت تجارتها مع هذا البلد وأصبحت تحتاج إلى متابعة متواصلة وإشراف مباشر طوال العام.
وأضاف جمال أن معظم هؤلاء التجار اتخذ مدينة (بومبي) التجارية (وتسمى حاليا مومباي) مقرا له حيث كانت السفن الكويتية تتجه إلى هناك لبيع التمور وتحميل الأخشاب والاتجار باللؤلؤ والبضائع الاخرى المختلفة وكان التجار يستأجرون الشقق لسكنهم مع عائلاتهم في الأماكن القريبة من مقرات أعمالهم في حين استملك البعض الآخر العقارات هناك.
وأوضح أنه مع مرور الوقت تكونت جالية كويتية كبيرة في بومبي وأصبحت ذات نشاط مرموق ووجود مستمر واشتهر شارع (محمد علي) كملتقى للكويتيين هناك لاحتوائه على عدد من المتاجر التابعة للكويتيين المقيمين في الهند ووجود مقاه يؤمها التجار والنواخذة والبحارة الذين يلتقون هناك لتبادل الاحاديث والاخبار والبيع والشراء والتي من أشهرها آنذاك مقهى المرحوم (يوسف بن سيف).
وأشار الى أن التجار والوكلاء الكويتيين المقيمين هناك كانوا يستقبلون النواخذة والبحارة القادمين من الكويت عند وصولهم الى (بومبي) وينجزون اعمالهم التجارية ويقيمون لهم الولائم ويسهلون أمورهم اضافة الى استقبال السفن الكويتية القادمة من البصرة المحملة بالتمور حيث يشرفون على انزالها ثم بيعها للتجار الهنود مقابل نسبة معينة من قيمة البيع كان يطلق عليها (السعي).
وذكر ان من المهام التي كان يقوم بها الكويتيون المقيمون في الهند قديما شراء البضائع للتجار الكويتيين والعمل على شحنها الى الكويت وتسوية حساباتها كما كانوا يقومون بحفظ التمور غير المباعة في مخازنهم لحين بيعها في حالة رغبة السفينة مغادرة الهند قبل تصريف البضاعة.
ودلل على ذلك بأن بعض السفن التي كانت لا تستطيع بيع كامل حمولتها من التمور كانت تتوجه الى ميناء (كالكوت) في النيبار لانزال ما تبقى من شحنتها في مخازن المرحوم يوسف الصقر هناك ليقوم ببيعها مقابل نسبة معينة (السعي) متى ما استطاع ذلك وكان يوسف الصقر يحتفظ بمخازن كبيرة في (خور ميان) حيث اتخذ ذلك الميناء مركزا لنشاطاته التجارية.
وأفاد جمال بأن بعض التجار الكويتيين كانوا يعيشون ويقيمون في الهند بصورة دائمة في حين كان البعض الاخر يتوجه الى هناك اثناء موسم التجارة فيأخذون معهم اللؤلؤ لتسويقه هناك ويشترون بقيمته بضائع مختلفة.
وأوضح أن من تلك البضائع التي كان هؤلاء التجار يشترونها من هناك الأقمشة والبهارات والأصباغ والصل اي زيت الاسماك والنورة وهي مادة كلسية تستخدم في تلبيس ودهان وطلاء حجر الطين والشاي وانواعا اخرى من البضائع ثم يعودون بها الى الكويت لتصريفها الى التجار وأصحاب المحال حيث يمكث هؤلاء ما بين ثلاثة اشهر الى اربعة اشهر يعودون بعدها مع السفن العائدة الى الكويت في نهاية الموسم.
وقال إن من اشهر البواخر التي كانت تنقل البضائع من (بومبي) الى الكويت باخرتين تدعيان (دامره) و(دواركة) وكانتا الوحيدتين اللتين تتوجهان الى الكويت حيث بقيتا لفترة طويلة تخدمان هذا الخط دون غيرهما من البواخر الى ما قبل الحرب العالمية الثانية تقريبا.
ولفت الى أن من ضمن العائلات الكويتية التي سكن عدد من ابنائها في الهند لمتابعة أعمالها هناك الصقر والحمد والمرزوق والشايع والقاضي والقناعات.
وأضاف ان من أوائل الذين افتتحوا مكاتب لهم في (بومبي) المرحوم سليمان ابراهيم العبد الجليل الى جانب المرحوم علي الشايع ومحمد علي البسام وحمد سلطان بن عيسى وعبدالعزيز بن عرفج وحمد القاضي وعبدالرحمن الشاهين الغانم وحسين بن عيسى واخوانه وسليمان الهارون.
واوضح ان مكتب عبدالعزيز الصقر كان في (خورميان) في (بومبي) اما في (كراتشي) فكانت هناك مكاتب ومخازن لكل من المرحومين حسين بن عيسى القناعي ومحمد فهد المرزوق ويوسف المرزوق ومحمد داود المرزوق ويوسف الماجد وأما النيبار فكانت تضم مكاتب للمرحوم يوسف الصقر وكان للمرحوم محمد ثنيان الغانم مكتبا في برواه. (النهاية) س م / ي س ع