A+ A-

القهوة والدلة..تقليد عربي أصيل ورمزية حاضرة في الثقافة الشعبية

اصناف الدلال من سورية والعراق والسعودية
اصناف الدلال من سورية والعراق والسعودية

من شيخة اللوغاني (تقرير)

الكويت - 18 - 1 (كونا) -- للقهوة تاريخ وثيق الصلة بسلوكنا اليومي وحياتنا الاجتماعية ولها رمزيتها الخاصة والشعبية عند العرب ودلالتها على الكرم والشهامة والأصالة رغم ربطها قديما ببعض الأساطير والقصص الطريفة والخاطئة.
وارتبط اكتشاف القهوة وانتشارها في العالم العربي بصناعة الدلة الشهيرة باختلاف أشكالها ومسمياتها حسب كل بلد وهي أداة رئيسية في إعداد القهوة وصبها وباتت جزءا أساسيا في تراثنا وحياتنا اليومية جيلا يعد جيل.
ولم تكن القهوة حتى القرن ال 14 معروفة في المنطقة إلا في إثيوبيا لكن في أواخر القرن ال 15 عرف عن اليمني أبو الحسن الشاذلي أنه أول من قام بتحميص حبوب القهوة وإعدادها كمشروب في عام 1418 ميلادية الموافق 821 هجرية.
وعلى يد الشاذلي انتشر مشروب القهوة في اليمن إذ كان يتم طهو حبوب البن ثم تحضيرها كمشروب كثيف وثقيل القوام يسد الجوع ويغني عن الطعام ومن اليمن انتشرت القهوة إلى شبه الجزيرة العربية.
في السياق قال الباحث في التراث عدنان الكندري لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إنه بعد ظهور مشروب القهوة وانتشاره بين الناس وصل إلى مدينة مكة المكرمة فأحدث حينها جدلا كبيرا بين الناس لأن حبوب القهوة آنذاك كانت تخمر أولا فترة من الزمن ثم تحمص وتطحن وصدرت حينها فتوى تحرم شرب القهوة تبعها صدور (فرمان) أي بيان رسمي من السلطان العثماني يحرم القهوة ويعاقب من يشربها بالسجن.
وأضاف الكندري أنه في البداية وبعد انقضاء زمن تحريم القهوة كانت تعد بأوان من الفخار إلى أن توصلوا إلى صنع (دلال) القهوة من النحاس واختلف في تفسير معاني كلمة (دلة) فمن يقول مصدرها من التغنج والدلال لكن أقرب تفسير لمعنى كلمة دلة هو أنها جاءت من الدلو إذ كان أهل الشام يطلقون على دلو الماء لفظ (الدلوة).
وذكر أن أول من قام بصنع (دلة) القهوة هم أهل الشام في سوريا ومنها انتشرت صناعة الدلال إلى العراق وبقية الدول العربية حتى أصبح وجود الدلة وشرب القهوة من عادات العرب ومن تقاليد إكرام الضيف لاسيما في الجزيرة العربية.
وبين أن من أشهر دلال القهوة في الشام هي (دلال رسلان) التي تعود إلى رجل من أهل سوريا كان يصنع الدلال من النحاس الأصفر ومنه انتشرت صناعة الدلة النحاسية الصفراء إذ كانت في السابق تصنع من النحاس الأحمر أما في العراق فمن أشهر الدلال (الدلة البغدادية) وكذلك (الشقراوية) و(النصرانية) ومن أشهر صناع الدلة في العراق سيد صالح ومهدي صالح.
ولفت الكندري إلى أنه من الشام والعراق جاءت صناعة الدلة الى الجزيرة العربية ومن أشهر دلال القهوة في الجزيرة العربية (دلة مزعل) نسبة إلى مزعل وهو صانع من مدينة دير الزور السورية وفد إلى الجزيرة العربية ويعد أول من قام بعمل الدلة من قطعة نحاس واحدة مطروقة إذ جرت العادة في صناعة الدلال على لحام القطع التي تتكون منها الدلة.
وأضاف أن كل دولة من دول الخليج تشتهر بنوع معين من دلال القهوة ففي عمان تنتشر (الدلة النزوانية) نسبة الى مدينة نزوة العمانية بينما تتشابه دلال القهوة في كل من البحرين وعمان والإمارات.
وبين أنه في المملكة العربية السعودية تختلف أنواع وأشكال الدلال بحسب المناطق والأقاليم ففيها (الدلة الحساوية) وهي من أغلى وأجمل أنواع دلال القهوة والدلة (الحجازية أو النجرانية) (ودلة القصر) أو يسمونها (الدلة الحائلية) وأيضا (الدلة المكاوية).
وعن دلال القهوة في الكويت قال الكندري إن الكويت معروفة بأنها مركز تجاري وممر عبور للتجار والقوافل والصناع وميناء تجاري كبير لذلك تنوعت أشكال الدلال التي تصل إليها فمنها العراقي والشامي والحجازي والحساوي لكن من كان يصنع ويقوم بصناعة دلال القهوة في البلاد وداخل سوق الكويت هم صناع الدلال من الأحساء فكانوا يقيمون فترة من الزمن في الكويت لصناعة دلال القهوة حيث كانت تباع في (سوق الصفافير).
وأشار الى أن هناك أسماء لصناع الدلال من أهل الأحساء معروفة في الكويت مثل عبدالوهاب الكويتي الذي أطلق عليه لقب الكويتي لأنه أقام فترة من الزمن في الكويت للقيام بعمله.
وذكر أنه عند تحضير القهوة وتجهيزها لابد من وجود (المحماس) لتحميص حبوب البن و(المبرد) وهي قطعة خشبية مدورة ومحفورة صنعت لتبريد حبيبات البن المحمصة و(الهاون) ويسمى في بقية دول الخليج ب(مجر) وأهل الشام يسمونه (المهباج أو المهباش) وهو يستخدم لطحن حبوب القهوة بعد تحميصها.
وقال الكندري إن دلال القهوة تتفاوت في أحجامها إذ توجد الدلة الكبيرة وتسمى (المخمرة) وهي ضخمة توضع فيها الطبخات الثلاث أي بقايا القهوة يضعونها حتى تتخمر ثم هناك الدلة متوسطة الحجم وتسمى (لقمة) يتم فيها إعداد القهوة وتخديرها بدون إضافات أو تبهير أما الدلة صغيرة الحجم فيطلق عليها مسمى (المصب) وهي تستخدم في تقديم القهوة للضيوف فقط. (النهاية) ش ع ل / ت ب