A+ A-

اختصاصيون: الزراعة دون تربة تعد بديلا استراتيجيا لزيادة الإنتاج بتكلفة ارخص

من نماذج زراعة المحاصيل بدون تربة
من نماذج زراعة المحاصيل بدون تربة
الكويت - 31 - 1 (كونا) -- أكد خبراء وباحثون اختصاصيون في مجال العلوم الهندسية الزراعية أهمية التوسع في تقنية الزراعة من غير تربة في دولة الكويت كونها تعد بديلا استراتيجيا للزراعة التقليدية على الصعيد الإنتاجي.
واتفق هؤلاء في لقاءات مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الثلاثاء على ان الزراعة من غير تربة تعطي إمكانية هائلة للاستفادة من مساحات الأراضي المخصصة للزراعة واستغلالها بشكل أمثل وزيادة الإنتاج بتكلفة ارخص.
وقال المدير العام للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية المهندس فيصل الحساوي ان الزراعة بدون تربة تعد إحدى انجع الطرق المستحدثة والمستخدمة في زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية في ظل الظروف المناخية القاسية لدولة الكويت.
وأوضح ان الكويت سباقة في هذا المجال اذ تعد أول دولة خليجية ادخلت نظام الزراعة بدون تربة منذ اكثر من نصف قرن وتحديدا في عام 1955 حيث أنشأت اول وحدة تجريبية بمساحة 500 متر مربع وكانت النتائج الأولية مشجعة لإنشاء أربع وحدات تجريبية جديدة للزراعة الحصوية بمساحة الفين متر مربع في عام 1962.
وأفاد بأن الكويت أنشأت في عام 1976 أول وحدة إنتاجية للزراعة بدون تربة في الشرق الأوسط بمساحة 20 الف متر مربع لإنتاج الخضراوات والازهار بمختلف أنواعها وما زالت الوحدات قائمة بمحطة التجارب الزراعية في منطقة الرابية.
وقال الحساوي ان منذ ذلك الوقت تركزت الزراعة بدون تربة محليا في النطاق البحثي ولم تنتشر بين المزارعين على نطاق انتاجي لاسباب عدة منها نجاح المزارعين بتقنية الزراعة المحمية التقليدية اضافة الى توفر الموارد المائية الصالحة للزراعة والتبريد في ذلك الوقت وعدم انتشار الامراض المصاحبة للتربة بالشكل القائم حاليا وعدم استعداد المزارعين الى تغيير النمط الزراعي الذي يبدعون فيه والتحول الى تقنية جديدة ليسوا على دراية وخبرة فنية بها.
وذكر ان عام 2003 شهد البدء على المستوى الإنتاجي الزراعي باستخدام الزراعة بدون تربة في الكويت بمساحة محصولية في حدود خمسة دونم (خمسة الاف متر مربع) بمنطقة العبدلي والوفرة تم فيها زراعة محصول الخس والشعير المستنبت مشيرا الى ارتفاع المساحة المحصولية في موسم 2013-2014 الى حوالي 50 دونما.
وقال الحساوي ان هذا التطور لم يكن بمستوى الطموح وبناء على ذلك حرصت دولة الكويت متمثلة بالهيئة على نقل هذه التكنولوجيا الى المزارعين الكويتيين من خلال مشاركتها بمشروع شبه الجزيرة العربية الذي يشمل دول مجلس التعاون واليمن بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة بتمويل من الصندوق العربي للانماء الاجتماعي والاقتصادي ومن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية.
وأضاف ان مرحلة نقل هذه التكنولوجيا بدأت الى عدد من المزارع في الكويت عام 2008 حيث بلغ عدد المزارع التي تبنت هذه التقنية 26 مزرعة حتى العام الماضي.
من جانبه تطرق مسؤول في قطاع الزراعة التجميلية في الهيئة المهندس غانم السند الى تقنيات الزراعة بدون تربة مشيرا الى انها تعد من اهم العلوم الزراعية الحديثة.
ولخص المهندس السند هذه التقنية في انها مجموعة نظم لإنتاج المحاصيل بواسطة محاليل معدنية مغذية فقط عوضا عن التربة التي تحتوي على طمي وطين.
واكد امكانية تنمية النباتات الأرضية وجذورها المنغمسة في محلول معدني مغذي فقط أو في وسط خامل مثل (البرلايت) او (الفيرموكيولايت) أو الصوف المعدني مبينا ان المواد المغذية لا يتغذى عليها النبات بالطريقة التقليدية عن طريق التربة بل بإذابة مواد غذائية في الماء وزراعة النبات باستخدام هذا المحلول المغذي الذائب.
وقال ان الزراعة بدون تربة احدى التقنيات الحديثة التي تهدف الى زيادة الإنتاج وحماية النباتات من الإصابات المرضية حيث تعرف الزراعة بدون تربة بانها زراعة المحاصيل بدون دخول الأرض كوسط للزراعة أو تكون الزراعة بمعزل عن التربة.
وأشاد السند بتوسع الكثير من الأهالي في استخدام تقنية الزراعة من غير تربة على اسطح البيوت بعد أن قلت المساحات الخضراء داخل المدن الحديثة وارتفاع معدلات التلوث بها بصورة خطيرة حيث تعتبر تقنية زراعة الاسطح الحل الامثل لاستغلال المساحة وتحويلها الى منظر جمالي ومريح للنفس.
بدوره قال مدير إدارة البحوث والمشاتل في الهيئة المهندس محمد جمال ان تجارب الزراعة من غير تربة تأتي كبوابة امل للخروج من نفق أزمة الزراعة في البلاد التي تعاني ظروفا بيئية قاسية كالمناطق الجافة المنتشرة في أراضيها وندرة مصادر المياه مع ارتفاع شديد في درجات الحرارة والرطوبة صيفا والبرودة شتاء.
وأوضح المهندس جمال ان هذه الزراعة تتكون من ستة أنظمة اساسية تتمثل في نظام الجذور العائمة والمواسير والفتيل و(الايروبونيك) و(التدش بكت) وهي توفر وتضاعف المساحة الزراعية من خلال زراعة النبات بطريقة الطبقات كما توفر استهلاك الماء بما يعادل 90 بالمئة إضافة الى سرعة الإنتاج وزيادته بنسبة 400 بالمئة.
وأشار الى نظام التغذية بواسطة التنقيط العلوي وبه يتم إضافة المحلول المغذي الى النبات من الاعلى بواسطة منقطات لفترة زمنية معينة ويتم تجميع مياه الصرف وارجاعه الى الخزان لتتكرر العملية كل ساعة وهذه المدة تعتمد على الموسم وعمر النبات.
وتطرق الى نظام (الغشاء المغذي) الذي يتم خلاله تدوير المحلول المغذي في انابيب بها فتحات من الأعلى بحيث تسمح بتثبيت النبات وملامسة جذوره المحلول الملحي ليتم ارجاع المياه المصروفة الى الخزان على مدار الساعة دون توقف.
وذكر ان نظام استعمال أوساط زراعية مثل الحصى والرمل الخشن و(البريلايت) و(البيتموس) ونشارة الخشب او أي مادة غير التربة الزراعية يكون لها خاصية الاحتفاظ بالمياه اذ من مميزات هذا النظام تدعيم النبات وكذلك الاحتفاظ بالمياه والعناصر الغذائية مما يساعد على استمرارية المحصول.
وقال جمال ان من مميزات نظام الزراعة هذا التقليل من فرص إصابة المحصول بالأمراض المصاحبة للتربة الزراعية وسهولة التحكم بالعمليات الزراعية وانتاج أكبر للمحاصيل من وحدة المساحة ووحدة المياه المستعملة مما يؤدي الى توفير المياه والاسمدة بنسب قد تصل الى 50 بالمئة اما السلبيات تكمن في بداية المشروع حيث التكلفة الانشائية الاولية عالية كما انها تتطلب وتحتاج الى ملاحظة مستمرة.
وأضاف ان المحاليل المغذية للنباتات في نظام الزراعة من غير تربة تتمثل في النيتروجين الذي يساعد في نمو المجموع الخضري والفوسفور الذي يساعد في نمو الجذور والازهار والبوتاسيوم الذي يساعد في عمليات التمثيل الضوئي وتكوين مادة الكلوروفيل في الأوراق إضافة الى عناصر ثانوية منها المغنيسيوم والكبريت والحديد وغيرها.
من جهته تطرق الباحث في قطاع الثروة النباتية ومشرف الوحدات التطبيقية بالهيئة يوسف الموسوي إلى الأهداف العامة لزراعة الاسطح وتتمثل في تقليل التلوث البيئي الناتج عن زيادة مساحات المباني والمنشآت مع قلة الغطاء النباتي في المدن وإنتاج الاحتياجات الاساسية من الخضر والفاكهة الطازجة والنباتات الطبية والخالية من المبيدات وزيادة المساحات الخضراء التي تسهم في تنقية هواء المدن من الملوثات.
وقال الموسوي ان زراعة الاسطح تزيد نسبة الاكسجين حيث ان كل متر مربع من النباتات الخضراء فوق السطح تزيل 100 غرام من ملوثات الهواء العام كما أنها تقلل من نسبة ثاني أكسيد الكربون من خلل استهلاكه في عملية البناء الضوئي.
وذكر ان من أنواع الحاويات المخصصة لزراعة الأسطح الواح خشبية مغلفة من الداخل بأكياس من البولي ايثيلين يزرع بها انواع مختلفة من الخضر وأيضا أكياس البولي ايثلين المعلقة التي توضع على الاسوار أو بواسطة حوامل ويزرع بها النباتات ذات الاحجام الصغيرة مثل الفراولة و الفاصوليا وغيرها وزراعة الانابيب اذ يتم فيها استخدام انابيب قطرها اربع بوصات.
وأشار الى أهمية اختيار المكان المناسب في السطح للزراعة بدون تربة منها أن يكون معرض لاشعة الشمس المباشرة وتجنب الاماكن المعرضة للرياح الشديدة وتوفير الحماية للجزء المخصص للزراعة من الحشرات والحيوانات الصغيرة والطيور. (النهاية) م ف / ج خ