A+ A-

الغنيم.. قرية الفنطاس تميزت عن القرى الكويتية بنزعتها الفنية واشتهرت بكثرة الفرق الشعبية

الباحث في التراث الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم
الباحث في التراث الكويتي الدكتور يعقوب الغنيم
الكويت - 26 - 11 (كونا) -- قال الباحث في التاريخ الكويتي الدكتور يعقوب يوسف الغنيم ان قرية الفنطاس تميزت عن باقي القرى الكويتية بنزعتها الفنية واشتهر فيها فن الغناء السامري وكثرة الفرق الشعبية ومن روادها الشاعر الشعبي فهد بورسلي حيث كان يحضر جلسات الفن ويشارك بقصائده.
وأضاف الغنيم في لقاء مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان لسكان الفنطاس قديما اهتماما بالعرضة أسوة بغيرهم من أهالي القرى الكويتية وكانت لهم فرقة تقوم في المناسبات الوطنية بتقديم عرضتها للجمهور "وإذا كنا نعرف أن العرضة نوعان بحرية وبرية فإن أهل الفنطاس ابتدعوا عرضة خاصة بهم تجمع بين هذين النوعين أسموها العرضة العميرية وكانت تؤديه فرقة الفنطاس الشعبية وتمزج فيها بين الفنين السابقين وأصبح لها الطابع المميز الذي اشتهر به أبناء الفنطاس".
وذكر ان قرية الفنطاس تميزت قديما بالمخيمات الربيعية نظرا لجمال الطبيعة وقربها من البحر فهي معروفة بزراعتها وأعشابها وساحلها الرائع وكان اهتمام الناس بالرحلات الخلوية في أيام الربيع كبيرا حيث يضربون خيامهم على الأرض المخضرة أو على شاطىء الخليج ويقضون أسعد الأوقات وأهنأها.
وأشار الغنيم الى ان من اهم القصائد الشعبية التي قيلت بالفنطاس قصيدة للشاعر المرحوم أحمد مشاري العدواني مطلعها (يا ساحل الفنطاس / يا ملعب الغزلان / يا متعة الجلاس / يا سامر الخلان) مضيفا ان الشاعر العداوني وصف بأسلوبه السهل الممتنع قرية الفنطاس والاغنية ما تزال تذاع الى اليوم وتعد من اهم اشهر الاغاني الشعبية.
واوضح انه في الخمسينيات من القرن الماضي كانت قرية الفنطاس قرية صغيرة تنام على ساحل البحر شرقا وتستيقظ على زهور الربيع غربا وتبعد عن العاصمة حوالي 5ر28 كيلومتر وعدد سكانها الى سنة 2004 بلغ 21375 نسمة وازداد عدد سكانها نتيجة ارتباطها بالقرى التي كانت قريبة منها مثل أبوحليفة والمنقف والفحيحيل.
وبين ان من الأماكن التي كانت معروفة في الفنطاس بئر كان الأهالي يرتوون من مائها العذب تسمى سليسل ولكنها زالت الآن ونسي مكانها اضافة الى ان الفنطاس القديمة كانت قرية من قرى القصور ذات نشاط زراعي حيث تحتوي على بعض المزارع التي تمد العاصمة بانتاجها من الخضراوات. وقال الغنيم ان الرحالة البريطاني لوريمر ذكر في مذكراته ان (قرية الفنطاس تبعد 16 ميلا الى الجنوب عن بلدة الكويت) كما قال عنها الرحالة ديكسون أنها (قرية من قرى القصور فيها 170 بيتا وسكانها من العرب الذين ينتمون إلى قبائل مختلفة كما في الكويت والفحيحيل وفي القرية حوالي 30 بئرا بعضها ذات مياه مالحة وبعضها الآخر ذات مياه عذبة على عمق 20 قدما ويبلغ اتساع فوهة البئر 20 قدما من كل جانب مما يجعل من الممكن أن تعمل بسحب المياه منها ثلاث فرق من الحمير في وقت واحد).
واكد الغنيم ان المحاصيل الزراعية في الفنطاس أغنى منها في الجهراء مع أن الأرض المزروعة في الفنطاس أقل مساحة ويزرع أهالي القرية الشعير والعدس والبطيخ والفجل والبصل وتوجد فيها 600 شجرة نخيل وبعض أشجار السدر والبمبر وذكرها الشيخ عبدالعزيز الرشيد قائلا (الفنطاس تبعد عن الكويت نحو ستة عشر ميلا جنوبا عنها وتقدر نفوسها بثلاثمئة نسمة وفيها مسجد تقام فيه الجمعة وعدة بساتين).
وقال الغنيم "انشىء في الفنطاس مدرسة للبنين في سنة 1945 على الرغم من قلة عدد الطلاب الذين كانوا في سنة 1951 لا يزيدون عن 45 طالبا كما أنشأت دائرة معارف الكويت مدرسة للبنات هناك في سنة 1951 أما المركز الصحي فقد أنشأته دائرة الصحة العامة في سنة 1953 وكانت تقدم خدماتها الطبية قبل ذلك بوساطة سيارة خاصة فيها طبيب وممرض وكافة الأجهزة والأدوية المناسبة".
وأضاف الغنيم انه نبغ في الفنطاس وما حولها عدد من الشعراء الشعبيين منهم نقيان بن سالم وسلطان بن فرزان وقد تأثرا بالبيئة البحرية التي كانا يعيشان فيها فانطبع ذلك على شعرهما فورد ذكر البحر كثيرا فيه ونشرت مجلة (البعثة) أبيات نظمها الأستاذ عبدالله زكريا الأنصاري عنوانها (تحية الفنطاس) ومما جاء فيها (رب صباح هاجني حسنه/والشمس لما تعتلي في الفضاء/أفقت من نومي لا ابتغي/غير فضاء وهوا وماء) وفي آخرها (ياساكن الفنطاس مني لها/تحية ليس لها من فناء).
وقد ذكر الدكتور عبدالرزاق العدواني قرية الفنطاس باعتبارها موضعا يرتاده الناس خلال الربيع وقد نشر مقاله في (البعثة) أيضا في سنة 1946 وكانت أول سنة صدرت فيها هذه المجلة الراقية ومما قاله عن الفنطاس (وسكانها القليلون ينتحون منها ناحية أما المتربعون فينصبون خيامهم بعيدا عن السكان أو يحلون في بيوتهم الخاصة).
وأوضح الغنيم انه اذا ذكر الفنطاس أتى ذكر الفنيطيس وهذا الموقع يمثل قرية كانت عامرة ثم جاء وقت خلت فيه من السكان وبقيت المساكن خالية تملؤها الرمال التي تدفع بها الرياح الى هذا الموضع وكان هذا الموقع مقرا للمعسكر الكشفي فترة من الزمن وقد تم رصد المعسكر الذي أقيم فيه في ربيع سنة 1950.
ومما ذكر عن الفنيطيس المعسكر الكشفي الذي أقيم فيه ابتداء من يوم الجمعة السابع عشر من شهر مارس لسنة 1950 وكان ذكر هذه القرية ومعسكرها الكشفي في أحد أعداد مجلة (البعثة) الصادر في السنة المشار اليها.
وتقول المجلة في هذا الصدد إنه في هذا التاريخ المحدد تحرك موكب الكشافة مغادرا العاصمة في اتجاه الفنيطيس وذلك من أجل التخييم فيها طيلة أيام عطلة الربيع ولياليها وعدتها خمسة عشر يوما وقد تم هذا المعسكر كالمعتاد اذ قضى الكشافة أيامهم في سمر وأنشطة رياضية وثقافية ممتعة وأقام المعسكر حفله الرئيسي المعتاد في اليوم التاسع والعشرين من شهر مارس وحضر على رأس ضيوف الكشافة الشيخ عبدالله الجابر الصباح وأعضاء مجلس المعارف وعدد من كبار الشخصيات وأولياء أمور الكشافة المشاركين في المعسكر وقد تخلل السمر عدد من الألعاب الجميلة التي حازت اعجاب الجميع.
وذكر ان من شعراء الفنطاس شاعرا معروفا على مستوى البلاد كلها لما له من أشعار محببة الى النفوس ذلك هو الشاعر نقيان بن سالم العميري ويلقب بالقروي لأنه من منطقة القرى فهو أحد سكان قرية الفنطاس له شعر كثير وأغان مشهورة وهو من الشعراء البارزين في مجال السامري وغنى له عدد من المطربين وكان مشتغلا بأعمال البحر وفي الزراعة بحسب ظروف المواسم التي كانت تمر على منطقته.
وقال الغنيم ان للشاعر نقيان اغنية جميلة رددها محبو الغناء وغناها اكثر من مطرب وغنتها الفرق الشعبية وقد أعجب بها الكثيرون ولا تزال تعيش في وجدان أولئك الذين يستهويهم الغناء الشعبي ولا سيما السامري منه يقول نقيان بن سالم في مطلعها (البارحة يا عبيد عييت انا ما/درب الخطا كثر علي الهواجيس) وغنى هذه الأبيات الفنان محمود الكويتي على لحن السامري وغنى محمود الكويتي أيضا أغنية للشاعر ذاعت في وقتها بين الناس لخفتها وسهولة ألفاظها ولجمال الموسيقى المصاحبة لها مطلعها (آه يا مرعوب/من تفاريق الولايف).(النهاية) م ف / ر ض ا كونا261236 جمت نوف 11