A+ A-

شجرة الحياة معلم سياحي بارز في البحرين

شجرة الحياة
شجرة الحياة

من عبد الحكيم الرفاعي المنامة - 6 - 7 (كونا) -- (شجرة الحياة) هكذا يسمي البحرينيون تلك الشجرة التي تقف وحيدة في صحراء جرداء ويمتزج حولها الواقع مع الخيال والاسطورة مع الحقيقة ولكنها تظل في كل الاحوال معلما يرتاده الحالمون الرومانسيون والعلماء الماديون ليبحثوا فيها عما يريدون.
وهذه الشجرة التي تقع في صحراء (الصخير) جنوبي البحرين بالقرب من قرية (عسكر) التي تبعد حوالي 30 كيلومترا عن العاصمة المنامة لا تختلف في قيمتها الحضارية عن العديد من المعالم المماثلة في الدول الاخرى اذ طالما رمزت الشجرة الى الحياة ومن هنا جاءت تسميتها ب"شجرة الحياة".
ويرى الكاتب فيليب سيرنج في كتابه (الرموز في الفن والاديان والحياة) أن "الشجرة ترمز الى الحياة في كل علم الايقنة الشرقي فهي العلامة المميزة للفردوس الارضي وتمثل انتصار الحياة الكلي على الموت .. وهكذا تصبح الشجرة نوعا من الطريق المفتوح بين الارض والسماء والرهان على استمرارية الحياة".
ويعتقد البعض بأن عمر هذه الشجرة حوالي 400 سنة ويذهب البعض الى أنها زرعت عام 1583 ميلادية وهي شجرة سنط قديمة ترك الزمن أخاديده على سيقانها وتدلت أفرعها لتظلل الارض ولكنها مازالت ترنو بأغصان يانعة صغيرة الى السماء فبهذه اللعبة المتناوبة في التتمة ذاتها للاحياء واستمرارية انبثاق صور الحياة الجديدة يكمن رمز الحياة ما يجعلها عصية على الموت والزمن.
ولعل السؤال الذي حير العلماء قبل غيرهم كيف استطاعت هذه الشجرة أن تصمد قرونا من الزمن وهي تنتصب وحيدة في صحراء جرداء من غير ماء وجاءت الاجابة قبل أشهر قليلة على يد الدكتور غازي الكركي أستاذ فسيولوجيا النبات في جامعة الخليج العربي اذ كشف عن سر بقاء شجرة الحياة موضحا أن السبب يعود الى (فطر المايكورايزا).
وتوصل الدكتور الكركي الى حقيقة العلاقة التي تربط بين شجرة الحياة وفطر المايكورايزا بعد دراسة علمية قامت بها جامعة الخليج العربي توصلت الى كشف السبب الحقيقي وراء بقاء الشجرة لمئات السنين دون ري أو تسميد في أرض جرداء قاسية مرجحا أن تكون الشجرة قد ابتكرت آلية خاصة لتغذية نفسها ذاتيا بمساعدة ذلك الفطر.
وأشرف الدكتور الكركي على فريق من الجامعة درس الشجرة عن كثب ودرس المنطقة المحيطة بها الى أن توصل الى أن جذور الشجرة ممتدة باتجاهات مختلفة أفقية وعمودية في عمق التربة.
وقال ان شجرة الحياة الواقعة على مرتفع صغير أوجدت لنفسها آلية للحصول على الماء والغذاء من طبقات التربة العميقة جدا (طبقة الماء الارضي) حيث يوجد الماء سواء ذلك الذي تسرب من مياه الامطار الموسمية أو أجسام مائية أخرى ساعدتها على النمو والبقاء.

وأوضح الدكتور الكركي أن الاليات الطبيعية التى عمدت لها شجرة الحياة تشمل تطوير نظام جذري طويل وعميق للمساعدة فى امتصاص الماء من أعماق التربة.
واشار الى ان الشجرة قامت بتطوير آليات تحمل الجفاف وقلة خصوبة التربة من العناصر الغذائية من خلال بناء علاقة تعايشية مفيدة مع بعض الكائنات الحية النافعة التي تعيش في التربة لمساعدتها على امتصاص الماء واتاحة العناصر الغذائية لها.
وأضاف ان فطر المايكورايزا المعروف (بفطر الجذور) هو أحد أهم هذه الكائنات الدقيقة النافعة في التربة لما له من فوائد كبيرة موضحا أنه من الكائنات الحية الدقيقة الفطرية التي تعيش في التربة بشكل طبيعي وفي مختلف البيئات من خلال تكوينها علاقة تعايشية مع جذور معظم النباتات وهذا ما دعا العلماء الى تسميته بفطر الجذور.
وبعيدا عن صرامة العلم وتجرده يرى بعض مرتادي المكان ممن التقتهم وكالة الانباء الكويتية (كونا) أن الشجرة مفعمة بالاسرار وغامضة بشكل مثير وطالما كان ذلك مادة خصبة للتأويل واطلاق عنان الخيال لمعرفة السر الكامن وراء هذا الصمود الملحمي في وجه الزمن وعوامل الطبيعة.
ويرى السائح الكويتي محمد أحمد أنه شعر باثارة كبيرة حينما وجد اللافتة الدالة على مكان الشجرة على شارع الزلاق بالقرب من جامعة الخليج في المنامة مشيرا الى أنه شعر بالرهبة من عزلة هذه الشجرة وسكونها الا انه بعد ان اعتاد على المكان يقول انه لا يخلو من الرومانسية فالشجرة كانت وما زالت مكانا محببا للالتقاء والخلوة والتأمل.
أما السائح العماني سعيد الملا فيرى أن الشجرة هي عبارة عن شاهد لقبر أحد الاتقياء أو الاولياء وهي تستمد قدرتها على البقاء ببركته.
واذا ما تمادينا في هذا الطرح فان البعض يأتي الى الشجرة بالنذر ويعتقد بانها شجرة مباركة حيث يمكن اقامة بعض الطقوس الا ان ذلك كان سببا لاستهجان أكثر من عالم دين.
ولاشك أن كثرة الاقاويل والقصص التي تدور حول هذه الشجرة وسرها الدفين جعلتها أحد المعالم السياحية المثيرة اذ تشير تقديرات وزارة السياحة المشرفة عليها الى أن حوالي 50 ألف زائر يقومون بزيارتها في العام وهي من أكثر المعالم السياحية شهرة في البحرين.
ومهما كان السبب وراء زيارة شجرة الحياة فهي زيارة يجدر القيام بها نظرا للفوائد الكثيرة التي ستعود عليك أهمها أنك أمام معلم يحثك على التشبث بالحياة والصمود وايجاد الامل في أحلك الظروف وأقساها.(النهاية) ع أ م / م ه ا كونا061008 جمت يول 08