A+ A-

الجمعيات التعاونية الكويتية مؤسسات اقتصادية بارزة تلعب دورا سياسيا واجتماعيا مهما

 من احمد حجاجي الكويت - 5 - 9 (كونا) -- تعد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية من اهم المعالم الاقتصادية في الكويت حيث تستحوذ على 70 في المئة من تجارة التجزئة في الدولة لكنها في الوقت نفسه تلعب ادوارا اجتماعية وسياسية مهمة يشعر بها الجميع.
وتشبه الجمعيات التعاونية في الكويت الى حد كبير المجمعات التجارية الحديثة حيث تتكون عادة من سوق مركزي كبير يحتوي على كل ما يحتاجه الانسان من سلع استهلاكية يومية تشمل مختلف انواع الاطعمة ولوازم العائلة.
وفي كثير من الاحيان تكون الجمعية التعاونية هي نقطة الارتكاز الأساسية لما يسمى "مركز الضاحية" الذي يعد منطقة تجارية مصغرة وسط المناطق السكنية النموذجية.
ويضم مركز الضاحية عادة عددا من مطاعم الوجبات السريعة ومخبزا ومقاهي غربية واستراحات بالاضافة الى محلات بيع الكتب وشرائط الكاسيت والمكتبات والصيدليات وفروعا للبنوك المختلفة ومحلات بيع وصيانة الهواتف النقالة واخرى لصيانة السيارات وغيرها من المحلات المتخصصة في تقديم كل ما يحتاجه المواطن والمقيم من سلع خدمات شبه يومية.
وتنتشر في الكويت ما يقرب من 50 جمعية تعاونية استهلاكية يتبعها 70 سوقا مركزيا رئيسيا وحوالي 300 الاف سوق فرعي تؤدي خدماتها لما يقرب من مليونين ونصف المليون من المواطنين والمقيمين في الدولة.
وتحظى الجمعيات بثقة كبيرة من قبل الجمهور حيث يشترون منها اغلب احتياجاتهم اليومية كما تمثل الجمعية التعاونية ومركز الضاحية الذي يعتمد على وجودها في كثير من الاحيان متنزها للشباب وللاسر ايضا.
وقال وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تتولى مهمة الاشراف الرقابي على هذه الجمعيات محمد الكندري ان العمل التعاوني وان بدأ رسميا في الدولة عام 1962 بصدور اول قانون للتعاون الا انه متأصل في طبيعة الشعب الكويتي الذي اعتمد على الصحراء والبحر قبل ظهور النفط فكانت حياته كلها نوعا من التعاون.
واضاف الكندري ان هناك عددا من الاسباب تكمن وراء نجاح الجمعيات التعاونية في الكويت منها قرب الجمعية التعاونية من سكن المواطن فهي تقدم له السلع والخدمات في المكان المناسب والوقت المناسب وبالسعر المناسب وبالجودة المناسبة كما يوجد دائما بالقرب من الجمعيات كثير من الخدمات الحكومية التي يحتاجها المواطن.

- وذكر الكندري ان من اسباب نجاح الجمعيات ايضا رعاية الدولة لها بشكل مباشر وغير مباشر مبينا ان الحكومة منعت اقامة أي نشاط تجاري داخل مناطق السكن النموذجي باستثناء الجمعيات التعاونية.
وقال ان الجمعيات التعاونية تقوم بدور مساند لدور الدولة التي بدورها تعتمد عليها في امور كثيرة فالجمعيات مثلا تقوم بتوزيع المواد التموينية اللازمة للمواطنين.
وتابع انه اذا وجدت الحكومة ان سلعة ما من السلع المهمة ارتفع سعرها بشكل مبالغ فيه تكلف الجمعيات التعاونية شراء هذه السلع وبيعها بسعر مناسب وقد تلجأ الجمعيات في بعض الاحيان الى تقنين توزيع بعض السلع بنسب معينة.
وقال الكندري ان الجانب المشرق في عمل الجمعيات التعاونية هو انها تقوم بانفاق 25 في المئة من ارباحها السنوية على الخدمات الاجتماعية في المنطقة التي توجد فيها ومن هذه الخدمات تنظيم رحلات الحج والعمرة ومساعدة المدارس والمستشفيات ببعض احتياجاتها الضرورية وتنظيم دورات كمبيوتر ودروس خصوصية وتحفيظ القران الكريم لابناء المنطقة باسعار مخفضة بالاضافة الى تنظيم دورات رياضية للشباب ايضا وخصوصا في شهر رمضان المبارك.
ومن المشروعات الرائدة في هذه المجال قيام الجمعيات التعاونية بانشاء مستشفى تخصصي حديث لامراض القلب والاشعة التشخيصية بتكلفة اجمالية تقدر ب 15 مليون دينار (53 مليون دولار امريكي تقريبا).
واكد الكندري ان من اسباب نجاح الجمعيات ايضا شعور المواطن بانه يمتلك الجمعية التعاونية فطبقا للقانون لا يمكن تاسيس الجمعية الا بوجود المساهمين الذين يمتلكون اسهما في الجمعية التعاونية ويديرونها من خلال مجلس ادارة منتخب.
وطبقا لاحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل فان عدد المساهمين في الجمعيات التعاونية بلغ 443 الفا في عام 2005 أي ما يقرب من نصف عدد المواطنين الكويتيين البالغ عددهم مليون نسمة تقريبا.

- وقال الكندري ان الجمعية التعاونية تلعب دورا سياسيا غير مباشر فهي تعتبر بمثابة المحضن الاول لتخريج القادة السياسيين من خلال الانتخابات التي يتنافس فيها ابناء المنطقة للحصول على عضوية مجلس ادارة الجمعية التي تتم كل عام لتجديد ثلث اعضاء المجلس.
واضاف الكندري ان الجمعيات التعاونية تلعب دورا مهما في ترسيخ القيم الديمقراطية في المجتمع من خلال تعويد الشعب على ادارة مرافقه بنفسه كما انها تعد من مؤسسات المجتمع المدني المهمة ففي احدى دورات مجلس الامة كان نصف الاعضاء اعضاء سابقين في مجالس ادارات الجمعيات التعاونية وهذا يؤكد ان الجمعية التعاونية مهمتها ليست فقط البيع والشراء.
وبين ان المهمة الاولى للجمعيات التعاونية الاستهلاكية هي توفير السلع باسعار مناسبة.
وطبقا لاحصائيات عام 2005 فقد بلغ حجم مبيعات الجمعيات التعاونية في الكويت 442 مليون دينار( 547ر1 مليار دولار) تشكل حوالي 70 في المئة من تجارة التجزئة في البلاد. وحققت صافي ارباح قدره 45 مليون دينار (5ر157 مليون دولار) انفقت منها نسبة 25 في المئة على الخدمات الاجتماعية.
واكد الكندري ان الربح الاساسي للجمعيات لا ياتي من المتاجرة وانما من فوائد الودائع التي تمتلكها الجمعيات بالاضافة الى قيامها بتأجير بعض المساحات المملوكة لها وبعض المصادر الاخرى مبينا انه طبقا لاحصاءات 2005 حققت 42 جمعية من اصل 45 جمعية خسائر في عمليات البيع والشراء رغم انها على المستوى الاجمالي حققت اغلبها ارباحا.
وحول تشجيع الحركة التعاونية في الكويت غير المباشر للنمط الاستهلاكي في المجتمع والماخذ عليها قال "ان الجمعيات تقيم المهرجانات التسويقية وتقدم خلالها تخفيضات وعروضا خاصة ما يشجع على المزيد من الاستهلاك بينما يجب ان يحدث العكس" اي تشجيع المواطن على الادخار والاعتدال في النفقات.

 - ويشكل اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الذي تم انشاؤه في عام 1971 مظلة للعمل الجماعي في قطاع التعاون الاستهلاكي ويقوم بدور القيادة والدفاع عن مصالح جمعياته الاعضاء وتمثيلها في المحافل العربية والدولية.
ومع بداية الثمانينات اتجهت الحركة التعاونية الاستهلاكية نحو الانفتاح على الحركات التعاونية العربية والدولية وسعى اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية الكويتي الى اكتساب العضوية في الحلف التعاوني الدولي واصبح عضوا فيه اعتبارا من شهر مارس عام 1981.
وقال رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية محمد عامر المطيري ان قوة الجمعيات التعاونية الكويتية هي التي دفعت الاتحاد التعاوني الدولي لان يفتح مكتبه الاقليمي السادس في الكويت ليكون بمثابة حلقة الوصل بين الاتحاد العالمي والحركة التعاونية في منطقة الشرق الاوسط معتبرا ان هذا الامر يعد مكسبا كبيرا لدولة الكويت وللحركة التعاونية بها.
واضاف المطيري ان من ابرز دلائل النجاح للحركة التعاونية الكويتية ايضا حصولها على منصب الامين العام للاتحاد العربي للجمعيات التعاونية.
واعتبر اهم اسباب نجاح التجربة الكويتية عدم تدخل الدولة في شؤونها وتوفيرها الاراضي بالمجان واشرافها على اعمالها وعدم تدخلها في اتخاذ القرار بها ما جعل كل جمعية تعاونية بمثابة البرلمان الصغير في كل منطقة سكنية.
وتوقع المطيري وصول المبيعات في الجمعيات التعاونية العام الجاري الى 800 مليون دينار (800ر2 مليار دولار) وان تتخطى المبيعات في العام 2009 حاجز المليار دينار (500ر3 مليار دولار).
وتاريخيا تعتز الحركة التعاونية الكويتية بدورها خلال فترة الغزو العراقي للكويت فقد كان للجمعيات التعاونية الاستهلاكية المنتشرة في جميع انحاء الدولة مساهمة كبيرة ودور بارز في العمل الوطني حيث قدمت كل ما استطاعت من خدمات كثيرة ومتنوعة للمواطنين والمقيمين لدعم الصمود المدني ومقاومة الاحتلال من خلال تنظيم وتوزيع السلع بشكل عادل والمحافظة على مستوى الاسعار التعاونية.(النهاية) ا ح ج / ف ف