(تقرير.إخباري)
الكويت - 30 - 12 (كونا) -- ما بين الانفراجات الكبرى وتحديات الاستقرار الملحة شهدت الدول العربية العديد من الأحداث المهمة في عام 2025 يتصدرها اتفاق تاريخي أنهى الحرب الدائرة على قطاع غزة منذ عامين بالتوازي مع تحول جذري في الملف السوري أعاد دمشق إلى محيطها العربي ورفع العقوبات الأمريكية عنها وصولا إلى كسر الجمود السياسي في لبنان بانتخاب العماد جوزاف عون رئيسا للجمهورية.
وعلى الجانب الآخر استمرت الأزمة السودانية في تصدير تداعياتها الإنسانية والأمنية مع دخول الحرب عامها الثالث فيما ظلت الساحة الليبية عرضة للتجاذبات الأمنية والسياسية في وقت برزت فيه قضية مغربية الصحراء إلى الواجهة بقرار أممي من مجلس الأمن.
وواصل العالم العربي على مدار العام حشد الجهود لدعم القضية الفلسطينية وحل الدولتين على وقع حرب الإبادة التي أنهكت قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 حيث انخرطت الدول العربية في عدة اجتماعات طارئة ومتلاحقة بداية من (قمة فلسطين) العربية غير العادية والاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية وصولا إلى الاجتماعات الطارئة في شهري يوليو وأغسطس الماضيين إلى جانب القمة العربية والإسلامية المشتركة الاستثنائية.
وعكست مخرجات المؤتمر الدولي رفيع المستوى الذي احتضنته الأمم المتحدة بنيويورك سبتمبر الماضي حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتطبيق حل الدولتين الذي انعقد في يوليو الماضي الإجماع الدولي نحو تنفيذ حل الدولتين.
وشكل اعتماد مجلس الأمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء حرب غزة متضمنة إنشاء قوة دولية لنزع السلاح وإعادة الإعمار خطوة تاريخية فارقة بموازاة اعترافات دولية تاريخية بدولة فلسطين شملت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال وفرنسا ليزيد إجمالي عدد تلك الدول على 150 دولة.
وقد أظهر الشعب الفلسطيني صمودا استثنائيا في وجه عدوان الاحتلال الإسرائيلي بالتوازي مع الموقف العربي الثابت في رفض تهجير الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة في وقت أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تفاقم مرعب في الوضع الإنساني إلى جانب سقوط عشرات آلاف الشهداء والمصابين وتدمير واسع للبنية التحتية والقطاع الصحي.
وفي رد فعل عربي مشترك على اعتراف الاحتلال الإسرائيلي بانفصال إقليم الشمال الغربي من جمهورية الصومال الفيدرالية المعروف بما يسمى " إقليم أرض الصومال" أسفرت الدورة غير العادية التي عقدها مجلس جامعة الدول العربية عن اعتماد خطوات تشمل التعاون مع الحكومة الصومالية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بوضع خطة عربية – إفريقية مشتركة للحافظ على الاستقرار الأمني والجيوسياسي في المنطقة ومخاطبة مجلس الأمن والأمم المتحدة لاتخاذ موقف حازم إزاء هذا الاعتراف.
وفي إطار التكامل العربي على المستويين الاقتصادي والتنموي شهد عام 2025 الإعلان عن استراتيجية عربية شاملة للأمن الغذائي خلال القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة في مايو الماضي إلى جانب اعتماد إنشاء المجلس العربي للشؤون الجمركية مطلع يوليو.
كما شملت جهود الجامعة العربية العمل على تحديث القانون العربي النموذجي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتعزيز التعاون مع التكتلات الدولية المختلفة لا سيما التكتلات داخل البيت العربي من خلال مذكرة تفاهم مع المنظمة الخليجية للبحث والتطوير.
وأظهرت أجندة الجامعة اهتماما عربيا متزايدا بالقوة الناعمة والتنمية البشرية كأدوات للتقارب وتعزيز الهوية المشتركة حيث تم إطلاق النسخة التاسعة من جائزة التميز الإعلامي العربي تحت شعار (الشباب العربي والإعلام الجديد) وتنظيم صالون ثقافي حول اللغة والهوية في ظل الذكاء الاصطناعي إضافة إلى إطلاق حملة لتوعية الأطفال وذويهم بمخاطر الانترنت.
وشهد لبنان خلال عام 2025 محاولات حثيثة لتثبيت الاستقرار السياسي والمؤسسي الداخلي بالتزامن مع تصعيد متواصل من جانب الاحتلال الإسرائيلي وتحديات أمنية واقتصادية.
وشكل النصف الأول من العام نقطة تحول في المشهد السياسي اللبناني بإنهاء الشغور الرئاسي الذي امتد عامين و70 يوما عبر انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية تلا ذلك تشكيل الحكومة ووضع الأسس للإصلاحات الجوهرية في البلاد.
وأقرت الحكومة اللبنانية حزمة من التشريعات الإصلاحية منها قانون إصلاح أوضاع المصارف وقانون استقلال القضاء وتعديل مواد من قانون السرة المصرفية فيما أقر صندوق النقد الدولي مشروع الدعم الطارئ للبنان بقيمة 250 مليون دولار في 25 يونيو الماضي.
كما أجريت الانتخابات البلدية على أربع مراحل خلال شهر مايو الماضي وهي أول انتخابات محلية منذ عام 2016 ما يمثل إنجازا ديمقراطيا في خضم التحديات.
في المقابل سيطر التوتر على الحدود الجنوبية حيث واصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاك سيادة لبنان وخرق اتفاق إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في نوفمبر 2024 فيما كثف الجيش اللبناني انتشاره لتثبيت سلطة الدولة طبقا للقرار الأممي 1701.
وكلف مجلس الوزراء الجيش بوضع خطة حصر السلاح بيد الدولة تلا ذلك إقرار الأهداف الواردة في الورقة الأمريكية لتثبيت إيقاف إطلاق النار وصولا إلى انطلاق المرحلة الأولى لتسليم الأسلحة من المخيمات الفلسطينية في 21 أغسطس وتسلم الجيش دفعات متتالية من السلاح في منتصف سبتمبر.
وشهد العراق على مدار العام جهودا متواصلة لتعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي مع استضافة أحداث عربية مهمة تمثلت في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي شهدت 18 مبادرة عربية سياسية واقتصادية وأمنية.
وشهدت سوريا مرحلة استثنائية منذ مطلع العام لملء الفراغ الدستوري والسياسي وتثبيت أركان الدولة الجديدة وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتوحيدها تحت قيادة جديدة إضافة إلى استعادة العلاقات الإقليمية والدولية وذلك بعد سقوط النظام السابق نهاية عام 2024.
وتولى الرئيس أحمد الشرع مقاليد الحكم في البلاد نهاية يناير الماضي تلا ذلك تشكيل حكومة جديدة في آخر شهر مارس وتوقيع مسودة إعلان دستوري وصولا إلى توقيع اتفاق اندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة السورية.
وشكلت التوترات الداخلية واندلاع اشتباكات مسلحة في محافظة السويداء ودخول الاحتلال الإسرائيلي على الخط بغارات عديدة تحديا كبيرا خلال العام الماضي إلى أن تم الإعلان عن خريطة طريق شاملة لمعالجة الأوضاع في المحافظة في سبتمبر الماضي.
وعملت الإدارة الجديدة للبلاد على كسر العزلة الدبلوماسية وتوثيق العلاقات الإقليمية مع الدول الرئيسة من خلال عدد من الجولات الخارجية للرئيس السوري وصولا إلى رفع الولايات المتحدة الأمريكية اسم سوريا من لوائح العقوبات المفروضة في مدونة القوانين الفيدرالية والزيارة التاريخية للرئيس الشرع هي الأولى لرئيس سوري إلى البيت الأبيض.
وقد دخل إلغاء قانون قيصر حيز التنفيذ رسميا نهاية 2025 الذي ينهي العمل بالعقوبات الأمريكية على سوريا في نقطة تحول بالغة الأهمية في مسارات الدولة السورية.
وعلى مدار العام الماضي اضطلعت مصر بأدوار محورية على المستوى الدولي والإقليمي لا سيما على مستوى الأزمة الفلسطينية حيث اعتمدت القمة العربية الطارئة في مارس الخطة المصرية - العربية لمستقبل قطاع غزة التي شددت على إعادة الإعمار من دون تهجير فيما واصلت مسيرة الاستقرار الاقتصادي الداخلي وتأمين مصادر الطاقة لدعم نموها.
كما استضافت مصر العديد من الفعاليات المحورية منها الاجتماع الرسمي الأول لمجموعة العشرين خارج الدول الأعضاء بالتزامن مع تنامي التنسيق الأمني الإقليمي مع عدد من الدول بينها السعودية وتركيا.
وسجل الاقتصاد المصري تطورات إيجابية لافتة تجسدت في قرار مؤسسة "ستاندرد آند بورز" برفع التصنيف الائتماني لمصر من درجة "B-" إلى "B" لأول مرة منذ سبع سنوات مع نظرة مستقبلية مستقرة إلى جانب تثبيت مؤسسة "فيتش" للتصنيف عند الدرجة ذاتها التي تم رفعها عام 2024.
في المقابل دشنت أثيوبيا رسميا سد النهضة المقام على نهر النيل ما أدى إلى تصعيد التوتر مع الجانب المصري الذي تقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن احتجاجا على تدشين السد.
أما السودان فما زال يعاني من تصاعد العنف والأزمة الإنسانية الطاحنة في ظل تمدد الصراع بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع وتوسعه جغرافيا إلى جانب تصاعد خطر المجاعة وانتشار الكوليرا في مدينة الفاشر السودانية.
وتركزت الجهود العربية على الإيقاف الفوري للقتال وإعادة الاستقرار إلى السودان وصون وحدته وسلامة أراضيه وضمان تدفق المساعدات الإنسانية حيث تعمل "الآلية الرباعية" التي تضم كلا من السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة من أجل تحقيق إيقاف إطلاق النار في السودان وإقرار الهدنة الشاملة وتسوية سياسية للحرب الممتدة على أمد عامين ونصف العام وأدت إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص ونزوح نحو 12 مليون شخص.
وفي ليبيا أعلن رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة مقتل رئيس الأركان العامة للجيش الليبي التابع لحكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا في حادث تحطم طائرة أثناء عودته من زيارة إلى أنقرة.
وقال الدبيبة في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي الفريق أول ركن محمد الحداد ومرافقيه".
وكان الفريق أول محمد الحداد المتحدر من مدينة مصراتة (غرب ليبيا) قد عين في هذا المنصب في أغسطس 2020 من قبل رئيس حكومة الوفاق الوطني السابق فايز السراج.
وبحسب رئيس الوزراء الليبي كان على متن الطائرة عدد من كبار المسؤولين العسكريين الآخرين بينهم رئيس أركان القوات البرية الفريق ركن الفيتوري غريبيل ومدير جهاز التصنيع العسكري العميد محمود القطيوي ومستشار رئيس الأركان العامة للجيش الليبي محمد العصاوي دياب.
وكانت السلطات التركية قد أعلنت العثور على حطام الطائرة في أعقاب إعلانها فقدان الاتصال بها بعد أقل من أربعين دقيقة على إقلاعها من أنقرة.
وميدانيا في ليبيا تواصلت موجة من التنازع الأمني والاشتباكات المسلحة والتوترات السياسية مقابل خطوات مهمة نحو تفعيل العملية الانتخابية والبحث عن توافق سياسي وإظهار قطاع الطاقة مرونة وقوة.
وفي منتصف العام أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا عن سحب الشرعية من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة في غمرة تطورات متسارعة تشهدها البلاد آخرها استقالة خمسة وزراء.
كما أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا فوز محمد تكالة برئاسة المجلس في جلسة انتخاب حضرها 95 عضوا من إجمالي 145 عضوا في عملية تهدف إلى إنهاء النزاع القانوني على الرئاسة المستمر منذ أغسطس 2024.
وأظهرت أحداث العام في تونس استمرارا لعدد من التحديات مع استقرار نسبي في المؤشرات الاقتصادية الكلية إضافة إلى حصول تعديلات حكومية واستضافة البلاد لاجتماعات مهمة مثل المؤتمر العربي لرؤساء أجهزة المباحث والأدلة الجنائية وورشة عمل مع فرونتكس والإنتربول حول التحقق من الوثائق والهويات واجتماع فريق خبراء مكافحة الإرهاب.
وشكلت التوترات الإقليمية الناتجة عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وامتداداته في المنطقة تحديا أمنيا متصاعدا للأردن خلال عام 2025 حيث نجحت المملكة في الحفاظ على استقرارها السياسي والأمني الداخلي بالتزامن مع تعزيز تعاونها الأمني والاقتصادي مع الجوار العربي.
واعترضت طائرات سلاح الجو الملكي وأنظمة الدفاع الجوي عددا من الصواريخ والطائرات المسيرة إضافة إلى حصول حوادث متفرقة جراء سقوط مسيرات وأجسام مشبوهة بمواقع عديدة داخل المملكة.
وعزز الأردن مكانته في تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لا سيما عبر تشكيل مجموعة ثلاثية (سورية - أردنية - أمريكية) تهدف إلى إسناد الحكومة السورية في جهودها لتثبيت إيقاف إطلاق النار في السويداء إضافة إلى استضافة اجتماعات مهمة مثل المنتدى الإقليمي للتنمية وتوقيع اتفاقيات وشراكات إستراتيجية مع عدد من الدول.
ومن جهتها عملت الجزائر خلال العام على تعزيز مكانتها كقوة إقليمية في مجال الطاقة والتوسع في الشراكات الاقتصادية الآسيوية والإفريقية إضافة إلى إدارة توترات مع دول شملت فرنسا ومالي.
ووقعت الجزائر اتفاقيات لتسريع إنجاز أنبوب الغاز العابر للصحراء مع النيجر ونيجريا إضافة إلى عقود شراكة في الاستكشافات.
وواصلت المملكة المغربية تحقيق زخم تنموي واقتصادي حيث ضاعفت الاستثمارات في مجال البنى التحتية إلى جانب ترسيخ دورها في القضايا العربية وفي الشراكات الأمنية والدولية مع عدد من الدول كما حققت نجاحات رياضية نوعية.
واعتمد مجلس الأمن القرار رقم 2797 الذي اعتبر أن منح إقليم الصحراء المغربية حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية قد يكون الحل الأنجع للنزاع القائم منذ قرابة خمسين عاما.
إلى ذلك برزت إنجازات عربية استثنائية على أكثر من صعيد منها فوز الكيمياوي العربي عمر مؤنس ياغي بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2025 وتأهل 7 منتخبات عربية إلى بطولة كأس العالم لكرة القدم 2026 وهي أكبر مشاركة عربية في نسخة واحدة من المونديال عبر التاريخ. (النهاية)
س ت ا ر