A+ A-

مجلس تراثي خاص يحيي لعبة الداما بقطر ويعزز انتشارها الكترونيا

عدد من زوار (سوق واقف) بالعاصمة الدوحة يمارسون لعبة الداما في مجلس الدامة
عدد من زوار (سوق واقف) بالعاصمة الدوحة يمارسون لعبة الداما في مجلس الدامة

من نواف الدقباسي

الدوحة - 5 - 4 (كونا) -- على الرغم من مظاهر الحداثة والعصرية التي تصادف الزائرين لدولة قطر وحركة البناء التي لا تهدأ فانهم سينتقلون عشرات السنين الى الوراء عندما يزورون المقاهي القديمة ويجدون فيها الاجواء القديمة والمعالم الشعبية والالعاب التراثية.
ففي تلك المقاهي ما زالت المظاهر العمرانية القديمة واضحة على المداخل والبنيان فيما التراث الشعبي حاضر والالعاب التي اشتهرت بها قطر ودول الخليج موجودة يمارسها الكبار بشغف ومنها لعبة الداما الشهيرة لاحياء ذلك التراث بين الاجيال الحالية والقادمة.
وفي احد المقاهي التي تنتشر في (سوق واقف) بالعاصمة الدوحة وضمن المنطقة التراثية القديمة يتجمع عدد من كبار السن كل يوم ليمارسوا لعبة الداما ويمضوا عدة ساعات وهم يتنقلون بين لاعب ومشاهد ومراقب للعبة يتناولون خلالها القهوة العربية والتمر او الشاي المصنوع وفق الطرق التقليدية.
وقال رئيس مجلس الداما في سوق واقف محمد سعد السليطي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه من عشاق اللعبة وممارسيها بصورة يومية وقد تعلمها من والده الذي كان يلعبها مع عدد من رواد المقاهي القديمة كل يوم في وقت العصر بعد الانتهاء من العمل اليومي المضني في ذلك الوقت.
واوضح السليطي انه يحرص على نشر اللعبة في قطر سواء لدى الشباب او الكبار بعد أن بدأت بالانقراض بسبب وفاة معظم كبار السن الذين كانوا يمارسونها وابتعاد البعض الاخر عن ممارستها وعدم معرفة الشباب بها لا سيما مع انشغالهم بالاجهزة الالكترونية الحديثة.
وافاد بأنه بدأ يجلس يوميا مع الشباب في المقاهي الشعبية ويشجعهم على الاقبال على ممارسة لعبة الداما ويشرح طريقتها لهم مضيفا انه وجد اقبالا جيدا من الشباب على تعلمها وممارستها ورغبتهم في المحافظة على تلك اللعبة التراثية وعدم اندثارها كما حدث مع معالم تراثية كثيرة.
وعن ممارسة تلك اللعبة في قطر قديما قال السليطي ان القطريين كانوا يمارسون هذه اللعبة بعد انتهاء موسم الغوص حيث يصبح لدى الرجال فراغ كبير ينطلقون فيها الى المقاهي القريبة من الساحل ويمارسونها معظم ساعات النهار كما كانوا يلعبونها في الدواوين.
وذكر انه لاحياء تلك اللعبة التاريخية سعى الديوان الاميري في قطر الى انشاء مجلس خاص في (سوق واقف) التراثي بالدوحة ليمارس فيه الرجال والشباب هذه اللعبة التي اخذت تستقطب السياح من جميع الجنسيات ولا سيما من الدول الاوروبية.
واضاف ان مجلس الداما بات يستقطب ايضا الزوار من داخل قطر وخاصة من طلبة المدارس والجامعات كما يحرص الاباء والامهات عند زيارتهم السوق القديم على اصطحاب اولادهم الى المجلس ليتعرفوا على جزء من تراث الاباء والاجداد ويستمتعوا بالاجواء التراثية القديمة.
واشار الى ان مجلس الداما يسعى لنشر هذه اللعبة عن طريق توزيع كتيبات تعريفية مبسطة وواضحة وعبر اقراص (سي دي) تحتوي على معلومات وافية عنها اضافة الى توزيع (فلاش ميموري) يشرح اساسيات اللعبة ومبادئها.
واشار الى ان لعبة الداما ذات اصل فرعوني وكان الملوك هم الذين يمارسونها ثم انتشرت في دول عديدة ومنها تركيا حيث كانت الشخصيات الكبيرة في الدولة تمارسها قبل ان تنتقل في ما بعد الى الاشخاص العاديين الذين نشروها في بلاد الشام وشمال افريقيا زمن الخلافة العثمانية ثم انتشرت في الخليج العربي عندما دخل العثمانيون بعض الدول الخليجية.
واضاف ان مجلس الداما ليس مجلسا لممارسة هذه اللعبة التراثية الجميلة فحسب بل هو ديوانية تجمع بين ابناء قطر حيث يتبادلون الاحاديث الودية ويتناقشون حول بعض المواضيع الاجتماعية ويتعارفون على بعضهم ويوطدون الصلات بينهم.
وأوضح السليطي ان قطر تنظم بطولات محلية لتشجيع لعبة الداما وزيادة الاقبال عليها كبطولة رمضان وبطولة الربيع وبطولة صيف سوق واقف وبطولة قطر المفتوحة وبطولة الفرجان وبطولة التلاميذ ثم توسعت في ذلك لتصبح هناك دورات خليجية يشارك فيها من يمارس هذه اللعبة في دول المجلس ولا سيما من دولة الكويت والامارات العربية المتحدة.
واشاد بالمستوى المتميز للعبة الداما في الكويت وما يتميز به الكويتيون من مهارات كبيرة في ممارسة هذه اللعبة التراثية معتبرا انهم ابرز من يمارسها في دول الخليج وهم الذين يحققون نتائج متميزة في البطولات الخليجية التي تقام كل سنة تقريبا.
واعرب عن امله في انشاء اتحاد عربي او دولي للعبة يضم الدول التي تمارسها وذلك على غرار الاتحاد الدولي للعبة الشطرنج حتى تشهد اللعبة مزيدا من التوسع والانتشار في كل ارجاء العالم وتصبح لعبة لها بطولاتها القارية والعالمية واعترافها في المناسبات الرياضية.
من جهته قال عضو مجلس الداما تركي الغانم انه صمم برنامجا خاصا باللعبة على الاجهزة الذكية وسيوزع قريبا في كل الدول الخليجية وتركيا مضيفا ان البرنامج يسمح بالتواصل بين اللاعبين وممارسة اللعبة في اي مكان.
واوضح الغانم ان هناك اقبالا كبيرا من الشباب في قطر على ممارسة لعبة الداما خاصة بعد ان اصبحت متاحة الكترونيا وباتوا يمضون وقتا طويلا في مجالس الدامة لممارستها بعد ان احبوها وصارت قريبة منهم وانتقلت الى بعض البيوت ايضا.
واضاف ان هناك تواصلا دائما بين لاعبي الداما في قطر ونظرائهم الموجودين في بعض دول الخليج عن طريق الكمبيوتر وبصورة خاصة في الكويت والبحرين اضافة الى التواصل مع اللاعبين في تركيا ولبنان وهو ما يتيح ممارسة اللعبة في اي وقت والاحتكاك الدائم باللاعبين المتميزين. (النهاية) ن ن د / ر ج