A+ A-

مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: (داعش) ارتكب "جرائم دولية" في (الموصل)

جنيف - 2 - 11 (كونا) -- اكدت مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان اليوم الخميس أن ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ارتكب مجموعة من الانتهاكات الخطيرة والممنهجة التي ترقى إلى مستوى "الجرائم الدولية" خلال الحملة العسكرية لتحرير مدينة (الموصل) العراقية.
واضافت المفوضية في بيان انها تستند في ذلك الى تقرير نشرته امس الأربعاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بالتعاون مع المفوضية تضمن إفادات الشهود المباشرة.
وأوضح البيان ان التقرير يوثق عمليات الاختطاف الجماعي للمدنيين واستخدام آلاف الأشخاص كدروع بشرية والقصف المتعمد للمناطق السكنية المدنية والاستهداف العشوائي للمدنيين الذين كانوا يحاولون الفرار من المدينة.
ونقل البيان عن مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد ابن الحسين قوله ان "آلاف المدنيين تعرضوا لانتهاكات مروعة على مستوى حقوق الإنسان وتجاوزات واضحة للقانون الدولي الإنساني خلال مسار العملية لتحرير مدينة الموصل".
واكد ابن الحسين أن "القتل بأسلوب الإعدام بحق المدنيين والمعاناة التي ألحقت بالأسر والتدمير غير المبرر للممتلكات أمور لا يمكن التسامح بشأنها أبدا في أي نزاع مسلح اذ يجب مساءلة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب هذه الأعمال عن جرائمهم الشنيعة".
ويفيد التقرير بأنه في مطلع نوفمبر 2016 استخدم عدد من عناصر (داعش) مكبرات الصوت في بعض مناطق (الموصل) الواقعة تحت سيطرة التنظيم للاعلان بأن المقيمين في المناطق التي حررتها قوات الأمن العراقية يعتبرون "أهدافا شرعية" لهم بسبب "إخفاقهم" في القتال ضد القوات الحكومية.
وأشار التقرير إلى أن هذه الخطوة ترافقت بحملة مستمرة من الهجمات نفذها تنظيم (داعش) على شرق الموصل استهدفت المدنيين "بشكل مباشر" موضحا أن "الأساليب المعتمدة تضمنت القصف واستخدام القذائف يدوية الصنع وإطلاق النار على المدنيين الفارين".
من جانبه ذكر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش في البيان ذاته ان "التقرير يوثق الأدلة بشأن ارتكاب (داعش) جرائم وحشية بحق المدنيين" مضيفا انه رغم اعتبار التنظيم (الموصل) بحد ذاتها عاصمة له "إلا أنه سعى في الواقع إلى تدميرها نهائيا وعلى نحو متعمد".
واضاف "لم يستثن حكم الإرهاب الذي اتبعه تنظيم (داعش) أحدا متسببا بمعاناة غير مروية للسكان العزل الذين لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في المناطق الواقعة تحت سيطرته".
كما اوضح ان "الأعمال الشريرة التي ارتكبها التنظيم لم تتوقف على مجرد قتل السكان وترهيبهم بل قد دمر بشكل مستهتر المعالم الثقافية والدينية بما في ذلك الحدباء وهي المئذنة المائلة التي تعتبر من أبرز الرموز التاريخية لمدينة الموصل متجاهلا كليا التاريخ والإسلام والدين الذي تدعي هذه المنظمة الإرهابية اعتناقه زورا حتى الساعة".
ودعا التقرير المجتمع الدولي بما في ذلك مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان إلى التحرك من أجل ضمان تقديم الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية كالإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب إلى المساءلة.
ووفقا للتقرير فقد لقي ما لا يقل عن 2521 مدنيا مصرعهم خلال العملية العسكرية ووقع العدد الأكبر من الضحايا في أكثر الأحيان نتيجة الهجمات التي نفذها (داعش) بما في ذلك إعدام 741 شخصا.
كما بلغ عدد المصابين 1673 شخصا فيما عثرت قوات الدفاع المدينة على بقايا جثث 1642 مدنيا من تحت الأنقاض في الموصل.
على صعيد متصل تم اجبار اكثر من 137 ألف اسرة تضم ما يزيد على 824 ألف فرد من السكان المدنيين في المدينة على الفرار إثر العمليات العسكرية فضلا عن اكتشاف ما لا يقل عن 74 مقبرة جماعية في المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم (داعش) في العراق سابقا.
ووفقا للتقرير فقد تفاوتت أعداد الجثث التي عثر عليها في هذه الأماكن لتتراوح بين بضع جثث إلى الآلاف منها على الأرجح.
ودعا التقرير الحكومة العراقية إلى ضمان حماية المقابر الجماعية وإلى القيام بالعناية الواجبة للحفاظ على الأدلة المتعلقة بالجرائم المرتكبة من أجل المساعدة في تحديد الجناة.
كما حث التقرير السلطات العراقية على التحقيق في الادعاءات بشأن الانتهاكات والإساءات لحقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الأمن العراقية والقوات التابعة لها خلال العملية العسكرية.
ووثق التقرير مقتل 461 مدنيا نتيجة الغارات الجوية خلال المرحلة الأكثر عنفا من الهجوم الذي قادته قوات الأمن العراقية ابتداء من 19 فبراير الماضي.
ويشير البيان الى انه وفي كل الحالات تقريبا لم تستطع (يونامي) ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحديد الطرف المسؤول عن تنفيذ الغارات الجوية لكن التقرير حث على إجراء تحقيق شامل بشأن كل إصابات المدنيين التي يعنى بها المجتمع الدولي ونشر النتائج علنا.
ودعا التقرير أيضا حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان العراق إلى ضمان إخضاع الجرائم المرتكبة ذات الصلة بالنزاع المسلح لاختصاص المحاكم والهيئات القضائية الوطنية.
وحث العراق كذلك على إدخال بعض التعديلات على التشريعات الوطنية من أجل منح الاختصاص فيما يتعلق بالجرائم الدولية وقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنسبة إلى الحالة المحددة التي يواجهها العراق كخطوة فورية.
وبمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب "الجرائم الدولية" في الموصل أفاد التقرير بأن السلطات العراقية سترسل بذلك رسالة إلى الشعب العراقي الذي قاسى المعاناة بغض النظر عن الزمان والمكان ومفادها أن العدالة قد تم تأمينها أخيرا.
واضاف ان "ضمان العدالة سيكون ضروريا لعملية إعادة بناء الثقة بين المجتمعات المحلية في العراق والعامل الرئيسي لتحقيق مصالحة طويلة الأمد في البلاد". (النهاية) ت ا / م ع ع