تونس - 17 - 10 (كونا) -- سعيا الى تشييد مجتمع صناعي وسياحي جديد في منطقة الساحل الشرقي لتونس (منطقة النفيظة) يقام هناك حاليا مشروع صناعي متكامل بالتوازي مع المشروعات السياحية والخدمية.
وتسعى الحكومة التونسية من خلال هذا المشروع الطموح الذي تصل تكلفته التقديرية الى 200 مليون يورو الى انشاء منطقة صناعية مماثلة للتجارب القائمة في بعض دول أوروبا الشرقية.
وقال مدير عام شركة (التطوير الصناعي بالنفيضة - ديات) ازناردو كارتا لوكالة الانباء الكويتية (كونا) هنا اليوم ان مشروع المنطقة الصناعية على الساحل الشرقي لتونس يلقى اهتماما متزايدا من قبل المستثمرين لاسيما من الخليج والصين واستراليا.
واضاف كارتا ان رحلته الترويجية لمنطقة الخليج افرزت مجموعة من المهتمين بالمشروع والساعين الى ولوج تجربة الاستثمار في هذه المنطقة موضحا انه خلال زيارته لدولة الكويت التقى برجال اعمال "أظهروا الكثير من الجدية والاهتمام".
واعرب عن تفاؤله بتحقيق "انجازات رائعة" في تونس لاسيما بعد الجدية التي لمسها من قبل رجال اعمال بارزين جدا خلال جولته الخليجية الى جانب اهتمام مستثمرين اخرين من الصين واستراليا ودول اخرى.
واوضح ان المشروع يقوم على اربع مراحل رئيسية (500 الف متر مربع لكل مرحلة) تم انجاز المرحلة الاولى منه والشركة الان في طور تنفيذ المرحلة اللاحقة مؤكدا تسويق 75 في المئة من المرحلة الاولى للمشروع.
واشار الى ان مشروع الخدمات الصناعية هو قلب المشروع العام لتطوير منطقة النفيظة والساحل الشرقي ككل مؤكدا انه مشروع ضخم يلقى اهتمام المسؤولين التونسيين.
ونوه بعراقة واختصاص الشركة الايطالية القائمة على المشروع والتي لها باع طويل في مجال الخدمات الصناعية يمتد الى نحو 200 عام مضيفا ان شركته اشرفت على انجاز مشروعات مماثلة في رومانيا والبانيا الى جانب انجاز قاعدة عسكرية امريكية في كوسوفو.
وبين ان انجاز المنطقة الصناعية من شأنه المساهمة في جلب مزيد من الاستثمارات الاجنبية وتوفير فرص العمل نظرا لما توفره من خدمات وتقنيات متقدمة وفق رؤية اقتصادية تحقق ما يصبو اليه رجال الاعمال والحكومة التونسية.
من جهته قال مسؤول الخدمات التجارية في الشركة داريو كارتا في تصريح مماثل ل(كونا) ان منطقة الخدمات الصناعية في النفيظة تقوم على توفير فرص استثمار صناعية وفق نظام ال(اوفشور).
ويتيح نظام ال (اوفشور) لكل شركة فرصة تخصيص منتجاتها وخدماتها لخارج البلاد القائمة على اراضيها مستفيدة من نظام ضريبي تفضيلي.
واوضح المسؤول التجاري ان المرحلة الحالية تضم شركات صناعية مهمة من ايطاليا وفرنسا والمانيا وليبيا واستراليا مضيفا ان اهمية المشروع بدأت في التنامي مع دخول اعمال مطار النفيظة الدولي حيز التنفيذ مشيرا الى ان هناك اطرافا كانت في وضع الترقب والحذر الا ان كل ذلك تبدد مع دوران عجلة التنفيذ الفعلي لمشروع تطوير منطقة النفيظة.
وقال داريو كارتا ان المرحلة الاولى تضم مركز اعمال على مساحة 30 الف متر مربع كما تشمل منطقة خدمات مهيأة لاقامة المشروعات الخدمية كالفنادق والبنوك والمطاعم وخدمات اخرى يمكن تحديدها على ضوء نوعية المستثمرين والنشاطات القائمة في المنطقة الصناعية.
واضاف ان هذا الجزء من المنطقة الذي تم تخصيص 50 في المئة منه للنشاط الصناعي يمكن ان يستوعب 150 مؤسسة علما بأن ارتفاع المباني المسموح به لا يتجاوز عشرة أمتار مبينا ان جميع الاعمال القائمة في المشروع نفذت على طراز حديث وتقنية عالية تتواكب مع متطلبات المستثمرين.
واضاف داريو كارتا ان المنطقة المنجزة تتطابق مع المواصفات العالمية لاسيما الأوروبية اذ تم تجهيزها بأحدث الخدمات التكنولوجية مثل الألياف الضوئية للاتصال السريع.
وفي اطار تنمية متواصلة للمنطقة افاد بأن الاطراف المعنية تعد دراسة حول مشروعات تنموية مستقبلية بهدف ايجاد التناغم مع دخول المشروعات الاخرى حيز التشغيل كالمطار والميناء والمناطق السياحية الجديدة ومواكبة متطلبات المؤسسات التي ستكون هنا في المستقبل.
ويهدف المشروع الممتد على مساحة مليوني متر مربع الى استقطاب شركات عالمية تعمل في انتاج البلاستيك والقطع الالكترونية والصناعات الغذائية والميكانيكية الخفيفة.
كما يوفر خدمات عصرية ضرورية لنشاطات صناعية من شأنها المساهمة في نجاح تلك المؤسسات مثل المصارف وخدمات الترجمة والنقل والجمارك والعيادات ووسائل الترفيه.
ويتيح مناخ الاعمال والتصنيع في تونس افضلية تنافسية نظرا لانخفاض تكلفة اليد العاملة مقارنة بالمعدل الاوروبي والاعفاء الضريبي وحرية الاستثمار وحرية انتقال رؤوس الأموال والأرباح.
كما تتمتع تونس بتوفر البنى الاساسية من مطارات وموانئ وطرقات وخدمات توازي المستوى الاوروبي فضلا عن تطور القطاع الصناعي الذي بدأ يواكب قطاعي السياحة والزراعة.
وتعد النفيظة منطقة استراتيجية لدخول أسواق المغرب العربي وشمال افريقيا اذ يمنح المشروع القائم اعفاء كاملا للسنوات العشر الأولى (في حال بدأت الشركة نشاطها قبل نهاية 2010) علاوة على الاعفاء من الرسوم على القيمة المضافة بالنسبة لاستيراد المعدات والتسهيلات الأخرى (في حال ادخال تكنولوجيات حديثة).
ويتميز مجال التدريب المهني هنا بوجود 127 مركزا تدريبيا بما يمكن من توفير مهارات وكفاءات بشرية في أكثر من 219 اختصاصا في مجالات مختلفة.
كما توفر تلك المراكز نحو 14 الف تقني و 35 الف مهني مجاز سنويا من بينهم 1800 مهندس سنويا في الاختصاصات التقنية المتطورة والتقنيات الأكثر طلبا في الأسواق المحلية والدولية.
جدير بالذكر ان تكلفة العوامل الانتاجية التي تمكن من الحصول على معدلات انتاج منخفضة في نطاق معدلات تنافسية ومنها ديناميكية البلاد وحسن الادارة وتنوع الاقتصاد وفق نمو ثابت وتضخم متواضع.
وتتمتع تونس بتوفر أسعار الطاقة من كهرباء وغاز طبيعي بأسعار مشجعة مع وجود شبكات قادرة على تلبية طلبات الاستهلاك الصناعي اذ تصل كلفة الطاقة الى مستويات معقولة مقارنة بالمعدلات الاوروبية فعلى سبيل المثال تبلغ قيمة الكهرباء 050ر0 يورو لكل كيلوواط والبنزين 66ر0 يورو لكل لتر والديزل 46ر0 يورو لكل لتر.
وتشهد منطقة النفيظة حاليا نموا متواصلا للنشاطات الصناعية والسياحية كما تحتضن المنطقة الواقعة على الساحل الشرقي (بين مدينتي الحمامات وسوسة) عشرة مجمعات صناعية.
وتتصل المنطقة الصناعية بالنفيظة بفضل شبكة هامة من البنى التحتية بكل المدن التونسية حيث انها قريبة من الطريق الرئيسي (تونس - سوسة) وعلى بعد كيلومتر واحد من السكة الحديدية و35 كيلومترا من الميناء التجاري بسوسة (ثاني اكبر الموانئ التونسية) كما ترتبط بالمطار الدولي وميناء المياه العميقة المزمع انجازهما بالمنطقة.
ومن المتوقع ان تكون تلك المنطقة الصناعية (100 كيلومتر جنوب شرق العاصمة) ذات قيمة استثمارية عالية عند انجاز المطار الدولي الجديد اذ تدخل المنطقة في عمليات توسعة شاملة من شأنها ان تعطي اضافة للمدن المحيطة في السنوات القليلة المقبلة.
وتتوزع المنطقة الصناعية ذات المليوني متر مربع على اربعة اجزاء صناعية ضمن بيئة صناعية شاملة تمتد على مساحة تتجاوز اربعة ملايين متر مربع.
ومن المنتظر ان يشكل تشغيل المطار الدولي جزئيا مع نهاية 2009 والميناء الذي يبعد نحو خمسة كيلومترات من المنطقة الصناعية وقيام المناطق اللوجستية اضافة كبرى لمنطقة الساحل الشرقي برمته.(النهاية) ج خ / م ه ا