من مريم الزنكي باريس - 21 - 4 (كونا) -- بدأ العد التنازلي لموعد اجراء الانتخابات الرئاسية في دورتها الاولى والمقررة بعد غد الاحد وسط احتدام التنافس بين 11 مرشحا للفوز بأرفع منصب فرنسي خلفا للرئيس الحالي فرانسوا هولاند الذي تنتهي ولايته في مايو المقبل.
ويسود المشهد الانتخابي الذي ستكون نتائجه ذات تأثير كبير على سياسات الحكومة الفرنسية من الناحيتين المحلية والدولية حالة من الغموض وعدم اليقين بشأن المرشح الاوفر حظا للوصول إلى قصر الاليزيه لاسيما بعد فضائح فساد هزت أبرز الاحزاب السياسية في الدولة.
وكان مرشح المحافظين فرانسوا فيون الاوفر حظا للفوز بمقعد الرئاسة لكن شبهة الفساد المالي التي عصفت بحزبه أدت الى تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي العام ما دفع الكثيرين الى الاعراب عن مخاوفهم من فوز مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان الذي تواجه كذلك تهما بالتهرب الضريبي.
وأمام سيناريو تراجع فيون برز اسم مرشح (الوسط) المستقل وزير الاقتصاد السابق إيمانويل ماكرون الذي خضع حينما كان وزيرا لتحقيقات قضائية بتهمة المحاباة.
ويتبنى المرشحون الفرنسيون أجندات متباينة في برامجهم الانتخابية لكسب تأييد اصوات الفرنسيين المترددين أو الذين قرروا مقاطعة الانتخابات الرئاسية.
ومع احتدام السباق الرئاسي تهافت المرشحون على طرح برامجهم الانتخابية التي تصدرتها قضايا الاقتصاد والامن والارهاب والهجرة الى جانب قضية البطالة ومسألة البقاء أو الخروج من عضوية الاتحاد الاوروبي.
ورأى محللون انه في حال حدوث أي تطور يخدم مصلحة مرشحة حزب اليمين المتطرف فستكون فرنسا أمام زلزال سياسي وسيكون عندها الاتحاد الأوروبي في خطر لا سيما في حال تأثر هولندا وألمانيا لاحقا بنتيجة الانتخابات الفرنسية.
وتحت شعار (فرنسا حرة) يتضمن برنامج لوبان الانتخابي فك الارتباط مع منطقة اليورو وتشديد الرقابة على الحدود لمنع تدفق الهجرة الى فرنسا.
وأكدت لوبان أنها ستجري استفتاء على خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي في حال فوزها بالانتخابات الرئاسية واصفة الاتحاد الأوروبي ب"المنظومة الخطيرة والسيئة التي أثبتت فشلها".
واعتبرت أن الشعوب الأوروبية باتت تدرك خطر الاتحاد الأوروبي موضحة انها ستعمل على صياغة منظومة جديدة للدول الأوروبية كما ستسعى الى جعل فرنسا مستقلة عن حلف شمالي الأطلسى (ناتو).
ومع كل استحقاق انتخابي يتساءل الكثيرون عن دور الناخب المسلم ورأيه بما يطرحه المرشحون خلال حملاتهم الانتخابية وسط توقعات بأن تشهد الانتخابات المرتقبة عزوفا من المسلمين بسبب عدم وجود مرشح قادر على تحقيق تطلعاتهم.
ويخوض اليمين المتطرف بقيادة لوبان واليمين المحافظ بقيادة فيون حملة قاسية ضد الاسلام بعد ان اتهما المسلمين ب"الفشل" في الاندماج مع المجتمع الفرنسي.
وزعم فيون في تصريحات سابقة ان "الاسلام يشكل أزمة في فرنسا خلافا لباقي الديانات الاخرى" معربا عن تأييده لحظر الحجاب في المدارس فيما تسعى لوبان الى كسب المزيد من الشعبية لحملتها الانتخابية مستغلة قضايا "الإرهاب والإسلاموفوبيا".
وتزعم لوبان بأن "المسلمين يفضلون العيش في جماعات فيما بينهم ولا يرغبون في الاندماج" مؤكدة أن هناك "تصاعدا للتطرف الإسلامي في فرنسا" معربة عن نيتها محاربة الإسلام "المتشدد" من خلال إغلاق مساجد قالت انها "تبث خطاب الكراهية وسط البلاد" الى جانب حظر (اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا).
اما مرشح اليسار بنوا هامون والمرشح ماكرون فكان لهما رأي آخر حول هذا الموضوع اذ أكدا مرارا ضرورة تطبيق القانون رقم (1905) الخاص بفصل الدين عن الدولة وضمان حرية الدين والمعتقد.
وركز برنامج هامون الانتخابي على مشكلات المواطن الفرنسي وضرورة ايجاد حلول لها تعتمد في المقام الاول على اختراع مجتمع جديد لا تكون فيه السعادة مرتبطة بالعمل فقط.
والقرار الأول الذي ينوي هامون اتخاذه في حال تولي منصب رئيس الجمهورية هو إلغاء قانون العمل الجديد الذي يحث العمال على العمل اكثر براتب اقل متعهدا بتقليل ساعات العمل وفرض راتب عام بقيمة 750 يورو شهريا كحد أدنى لكل الفرنسيين البالغين.
كما يسعى المرشح ماكرون الذي أظهرت استطلاعات عدة للرأي احتمال فوزه بالرئاسة الى تصوير نفسه بهيئة "الموحد للبلاد" لا سيما بين حزبي اليمين واليسار المتنازعين دائما.
وكان ماكرون أطلق قبل نحو عام حركة سياسية جديدة تحت شعار (ماضون) لا تنتمي إلى اليمين أو اليسار.
وتظهر آخر نتائج الاستطلاعات ان ايمانويل ماكرون هو المرشح الاوفر حظا للفوز بمقعد الرئاسة اذ من المتوقع ان يخوض الجولة الثانية من الانتخابات المقررة في السابع من مايو مع مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان.
وعن العلاقات الفرنسية - الروسية أكد المرشحان لوبان وفيون عزمهما على تحسين علاقات بلادهما مع روسيا في حال فوزهما في السباق الرئاسي فيما اكد ماكرون استعداده للحوار مع روسيا رغم دعوته سابقا لتجنب التقارب معها تحت حجة الحفاظ على استقلالية بلاده.
وفرضت الازمة السورية نفسها على الحملات الانتخابية الفرنسية لا سيما بعد الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد قاعدة (الشعيرات) التابعة للنظام السوري في ريف (حمص) ردا على قصفه بلدة (خان شيخون) في محافظة (إدلب) بأسلحة كيماوية ما أسفر عن قتل عشرات الأشخاص معظمهم من الاطفال.
ويبدو ان المأساة السورية منذ بداية الحملة الانتخابية كانت موضع خلاف بين المرشحين فعلى الرغم من ادانة جميع المرشحين للقصف الكيماوي إلا ان مواقفهم لحل الصراع والضربة الامريكية لقاعدة (الشعيرات) كانت متباينة.
وعن الضربة العسكرية الامريكية لقاعدة (الشعيرات) السورية تباينت المواقف بين دعم مرشحي اليسار ماكرون وهامون وانتقاد من لوبان ومرشح أقصى اليسار جان لوك ميلانشون مقابل حذر من المرشح فيون. (النهاية) م ج ز / ع م