من آمنة الشمري

الكويت - 3 - 11 (كونا) -- اتسم البيت الكويتي القديم بالبساطة في بنائه وتناغمه مع البيئة وتميزه بثلاثة أسس هي الحوش والليوان والمدربان والتي جعلت الكثير من كبار السن حاليا يفضلونها على الشقق والمنازل الجديدة رغم كل التطورات في فن العمارة وانتشار وسائل الراحة.
وفي تلك الفترة كان كل من يريد تأسيس منزل يستعين بعدد من البنائين الذين يدير عملهم شخص يلقب ب (الاستاذ) وهو الشخص الذي يختار العمال وفق قدراتهم.
وفي هذا الصدد أورد كتاب (البيت الكويتي القديم) للباحثين في التراث الشعبي محمد علي الخرس ومريم راشد العقروقة أن "الاستاذ يقوم بمحاسبة الملاك بإحدى طريقتين إما القطوعة وهي نظام المقاولة وإما اليومية وفي هذه الحالة يأخذ من صاحب المبنى أجرته وأجرة من أحضرهم من العمال بشكل يومي عندما ينتهي العمل مساء".
وتميز البيت الكويتي قديما بوجود (الحوش) ويتضمن عددا من الغرف وكلما اتسعت مساحة البيت تعددت أحواشه وذلك وفق إمكانات المالك فقد كانت بيوتا متوسطة الحال تضم ثلاثة أحواش هي حوش الديوانية وحوش الحرم وحوش المطبخ والغنم.
أما حوش الديوانية فقد كان قسما مستقلا عن بقية أقسام البيت الأخرى وهو مخصص للرجال دون غيرهم وفيه دار رئيسة هي دار الديوانية ودار ثانية هي دار الشاي والقهوة وقد توجد فيه أحيانا دار ثالثة لمبيت الضيوف الأغراب.
بالإضافة إلى ذلك هناك مرافق الخدمات الضرورية الأخرى ولهذا الحوش باب كبير يقع على الشارع مباشرة ويتخلل القسم الأسفل منه باب صغير يسمى (خوخة) ويفضي هذا الباب إلى ساحة مكشوفة يغطيها أحيانا عريش تحفظ في ظله أدوات حفظ الماء الفخارية القديمة مثل (البيب والحب والبرمة).
وبحسب ما ذكره الباحثان في كتابهما فإن دار الديوانية كانت تعد أوسع دور المنزل وتطل نوافذها غالبا على الشارع وأرضيتها مفروشة ب"الامداد" (جمع مدة) وهي فرشة من الحصير تعلوها المطارح وهي المساند أما دار الشاي والقهوة فهي أقل اتساعا وفيها (الدوة) وهي موقد حديد والمنفاخ والمنقاش وهو الملقاط والهاون وهي أداة معدنية تدق بها الحبوب والمحماس وهي إناء لتحميص القهوة ودلال القهوة و(غوري) الشاي وصينية عليها (الاستكانات) وهي اكواب الشاي الصغيرة و(قندور) السكر وهو وعاء صغير لحفظ السكر و(الخواشيك) أي الملاعق الصغيرة وصينية أخرى لفناجين القهوة و(البيز) الواقي من الحرارة لمسك دلة القهوة.
ويسمى حوش العائلة الرئيسي (حوش الحرم) ويضم غرفة يسكنها أفراد العائلة أما ساحته فمخصصة لحركتهم اليومية وفي هذا الحوش يلهو الأطفال ويلعبون وله باب مماثل لباب الديوانية ولكنه أقل منه جمالا يليه (الدهريز) وفيه (المدعاب) وهو المجرى الذي يأخذ الماء غير المرغوب فيه إلى خارج المنزل وتوضع فيه أيضا أواني حفظ الماء المعروفة آنذاك وهي (البيب والحب والأيحلة) وقبل نهايته تعلق ستارة من الخيش أو حائط صغير قليل الارتفاع يسمى (رادة).
ويفضي (الدهريز) إلى ساحة واسعة فيها بركة ماء وعريش وتحيط بها ثلاث أو أربع دور للنوم تطل نوافذها وأبوابها على الساحة وخصصت واحدة منها لرب الأسرة وزوجته والأطفال الصغار وأخرى للذكور البالغين من الأبناء والثالثة للاناث البالغات من البنات والأخرى للجد والجدة.
وغالبا ما كان يظلل تلك الدور (ليوان) يشترك معها في سقفها وهناك درج يؤدي إلى سطح هذه الدور وهو محاط بسور يعادل في ارتفاعه قامة الإنسان ليستر أهل البيت عند صعودهم أو نومهم فوقه في فصل الصيف وكان كثير من السطوح يقسم إلى قسمين أو ثلاثة ينام الأب والأم في واحد منها وينام بقية من في البيت في الباقي وإذا كان السطح كبيرا أضيف إلى ما سبق غرفة صغيرة يظللها مصباح و(امحكر الحمام) وهو بمثابة قفص كبير لهواة تربية الحمام.
أما حوش المطبخ والغنم فيضم المطبخ وما يتبعه من مرافق وقد يضاف إليه مكان يخصص للحيوانات ويصله بحوش الحرم (مدربان) أي ممر بين الحوشين وتوجد في حوش الديوانية فتحة (فرية) وهناك ساحة ترابية يتوسطها جليب وإلى جانبه (بالوعة الزاد).
ويحيط بتلك الساحة عدة حجرات إحداها مخصصة لطبخ الطعام والثانية تسمى (دار الجيل) لحفظ المواد الغذائية الضرورية لحاجة الأسرة وكذلك أعلاف الحيوانات وهناك حجرة ثالثة لمبيت الحيوانات في فصل الشتاء وحجرة لحفظ مواد الوقود وقد تقام في الحوش مرافق صحية إضافة إلى ما هو موجود في حوش الحرم والديوانية.
وكانت طريقة تقسيم البيت الكويتي قابلة للتعديل والتطويع وفق إمكانات أصحاب البيوت ورغباتهم فمنهم من لا يرغب في وجود ديوانية فيكتفي بحوشي الحرم والغنم ومنهم من لا يحب اقتناء الحيوانات ويكتفي بحوشي الديوانية والحرم ويلحقون المطبخ بحوش الحرم.
كما أن بعض البيوت القديمة لا تحتوي على (محكر حمام) أو مصباح أو (ليوان) وبعضها لا تضم عريشا أو بركة ماء إذ إن كل ذلك خاضع لحاجة رب البيت وقدرته المادية. (النهاية) أ ش / ت ب