من وسيم حيدر

بيروت - 25 - 5 (كونا) -- انقضى عام كامل في لبنان على شغور موقع رئاسة الجمهورية في لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو من العام الماضي دون ان يتمكن المجلس النيابي الذي ينيط به الدستور انتخاب رئيس للبلاد من اتمام مهمته.
وعقد المجلس النيابي 23 جلسة حتى اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الا ان الخلاف السياسي حول اسم الرئيس منع اكتمال النصاب المطلوب دستوريا بعد تغيب عدد من الكتل المحسوبة على قوى (8 مارس) التي تتمسك برئيس تكتل (التغيير والاصلاح) ميشال عون كمرشح وحيد لرئاسة الجمهورية.
ولم ينجح حوار ثنائي جمع (تيار المستقبل) ابرز احزاب قوى (14 مارس) و(حزب الله) ابرز احزاب قوى (8 مارس) برعاية رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في حل الخلاف حول انتخاب رئيس بعد اقتصار جدول اعماله على تخفيف الاحتقان المذهبي في لبنان ودعم الخطط الامنية التي سبق واقرتها الحكومة في عدد من مناطق لبنان.
وكذلك اقتصر الحوار الدائر بين القوتين الاكبر على الساحة المسيحية في لبنان وهما (التيار الوطني الحر) بزعامة ميشال عون و(القوات اللبنانية) بزعامة سمير جعجع على التأكيد على الثوابت الوطنية الرئيسية ونقاط الالتقاء بينهما فيما بقي الخلاف قائما حول انتخاب رئيس جديد للبلاد.
وكان عون اعلن اخيرا مبادرة تنص على انتخاب رئيس من الشعب مباشرة على مرحلتين حيث تقتصر المرحلة الاولى على المسيحيين الذين ينتخبون المرشحين المؤهلين للرئاسة على ان تليها مرحلة ثانية ينتخب فيها كافة اللبنانيين رئيسا من بين هؤلاء المرشحين.
وقد لقيت المبادرة قبولا من بعض حلفاء عون فيما تحفظت كتل نيابية اخرى عليها باعتبارها تخالف اتفاق الطائف وتتطلب تعديلا للدستور اللبناني.
وقال رئيس تحرير صحيفة اللواء صلاح سلام في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان شغور موقع الرئاسة في لبنان منذ عام سببه بالدرجة الاولى الخلاف السياسي الحاد بين القوى السياسية الداخلية وفشلها في التوصل الى اتفاق حول مرشح توافقي اضافة الى عدم قدرة القوى المسيحية على التوافق فيما بينها على مرشح واحد.
ولفت سلام الى ان للعوامل الخارجية ايضا دور كبير في تعطيل انتخاب رئيس جديد حيث انعكس الصراع الشديد بين المحاور القائمة في المنطقة على الداخل اللبناني ما ادى الى تفاقم الخلافات بين القوى السياسية اللبنانية التي يصطف معظمها في محاور الصراع المتواجهة في المنطقة.
واعتبر سلام انه "ليس ثمة ما يشير الى امكانية انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال الاشهر المقبلة مع تمسك القوى المختلفة بمواقفها ومراهنتها على نتائج الصراع القائم في المنطقة اضافة الى غياب اي مسعى جدي داخلي او خارجي للتوصل الى اتفاق حول الرئاسة واصطدام المساعي التي كانت قائمة بتعنت القوى السياسية بمواقفها لا سيما موقف النائب ميشال عون الذي يرفض انتخاب اي مرشح سواه للرئاسة".
واشار الى ان "المبادرة التي اطلقها عون مخالفة لاتفاق الطائف والدستور اللبناني وهي تهدف لتسويق ترشيحه وتعيد الامور الى نقطة الصفر دون ان تطرح اي صيغة للوصول الى حل جدي والخروج من دائرة المراوحة القائمة حاليا".
ومن جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي نبيه برجي في تصريح ل(كونا) ان ازمة الرئاسة بمثابة انعكاس للازمة السياسية التي يعيشها لبنان والتي تشكل جزءا من ازمات المنطقة التي تمر بمرحلة معقدة وصعبة وغامضة على مختلف الصعد.
واعتبر انه "لا يمكن اتمام الاتفاق على الموضوع الرئاسي في لبنان في المدى المنظور لاسيما وان الوضع في لبنان يرتبط عضويا بالصراع القائم في سوريا والمفتوح على كل الاحتمالات ومنها تفكك الدولة في سوريا وما يشكله ذلك من خطر وجودي على لبنان رغم الضمانات الاقليمية والدولية التي تؤكد الحفاظ على وحدة لبنان واستقراره".
ولفت الى انه لا يمكن الحديث عن انهاء شغور الرئاسة والوصول الى استقرار سياسي حقيقي في لبنان قبل انتهاء الازمة المتفجرة في سوريا مؤكدا ان الحوار الذي يجري بين الفرقاء الداخليين لاسيما (تيار المستقبل) و(حزب الله) هو حوار "لمنع الانفجار في البلاد باعتراف المتحاورين" وليس لانتخاب رئيس وهو ما يدل على خطورة وعمق الازمة التي يعيشها لبنان حاليا.
واكد برجي ان شغور موقع الرئاسة هو جزء من الازمة التي تواجهها البنية السياسية للنظام اللبناني مشددا على ان الحل الوحيد الذي يكفل عدم الوقوع في ازمات مماثلة هو تطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف الذي انهى الحرب اللبنانية من خلال اطلاق "ديناميكية سياسية" تبدأ بإلغاء الطائفية السياسية التي زادت على وقع الصراعات في المنطقة اليوم. (النهاية) و س م / ط م ا