من محمد الغزي

بغداد - 20 - 4 (كونا) -- مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية المقررة في ال30 من الشهر الجاري يجري الحديث عن تحالفات ما بعد الانتخابات وما اذا كانت مجسا انتخابيا ام خارطة طريق ترسم ملامح شراكة جديدة يمكن ان تقود الحكومة العراقية المقبلة.
وفيما تؤكد أطراف سياسية أهمية هذه التحالفات فان قوى أخرى تنفي وجودها في هذا الوقت فتسميها "تفاهمات" في حين يحاول ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي التقليل من اثرها بعد اقصائه منها لينادي ب"حكومة الاغلبية".
ويؤكد سياسيون هنا ان الانتخابات البرلمانية تشكل نقطة مفصلية في تاريخ العراق فهي الاولى التي تجري بعد خروج الاحتلال الامريكي كما انها ستحدد مسار حكم ربما يختلف عن السنوات السابقة اما نحو تغيير حقيقي في العملية السياسية أو ترسيخ عملية بنيت على أسس طائفية تحكمها مكونات العراق الرئيسية.
ورغم العدد الكبير للقوائم الانتخابية وللمرشحين الذين سيخوضون المنافسة الانتخابية حيث من المقرر ان تشهد الانتخابات تنافسا محموما بين 9040 مرشحا على 328 مقعدا برلمانيا الا ان المؤشرات تذهب الى ان المنافسة الحقيقية ستنحصر بين قوائم بعينها مع هامش فرص لحضور ضيوف جدد على الساحة البرلمانية العراقية.
وما يجعل هذه الانتخابات مختلفة هو تهدم التحالفات القديمة التي استمرت لاعبا رئيسا طوال ثمان سنوات وان بمسميات مختلفة وفي مقدمتها التحالف الوطني العراق الذي شهد انقساما عريضا تمثل بتحالف كتل ممثلة للتيار الصدري الذي كان مدعوما من الزعيم الديني مقتدى الصدر وائتلاف المواطن بزعامة عمار الحكيم بعيدا عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فيما انقسمت القائمة العراقية الى ائتلافات عدة اكبرها حجما ائتلاف متحدون للاصلاح.
وبحسب رئيس الادارة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مقداد الشريفي فان عدد الكيانات والائتلافات المصادق عليها لخوض الانتخابات بلغ 277 كيانا سياسيا الا انه وبعيد انسحاب عدد منها وخاصة من محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى لاسباب أمنية واندماج اخرى مع بعضها اصبح عدد القوائم التي ستخوض الانتخابات 107 قوائم تتوزع بواقع 36 ائتلافا سياسيا و71 كيانا سياسيا تضم جميعها 9040 مرشحا يتنافسون على 328 مقعدا برلمانيا.
ووفقا لبيانات وزارة التجارة العراقية فانه يحق ل4ر21 مليون ناخب التصويت في الانتخابات من بين عدد سكان العراق البالغ 8ر34 مليون نسمة الا ان رئيس الادارة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات الشريفي اوضح ان 6ر17 مليون ناخب تسلموا بطاقاتهم الانتخابية من مجموع اعداد الناخبين فيما اكد ان المفوضية أكملت كافة الاستعدادات للعراقيين الذين سينتخبون خارج العراق.
وبعد انفراط التحالفات الرئيسية في العراق فان ابرز القوى السياسية التي ستتنافس في هذه الانتخابات هي ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي والذي سينافس بقوة في منطقة نفوذ تمتد على محافظات الجنوب والوسط لكن ثقلها يتركز في ذي قار وكربلاء وبابل وبغداد.
ويشارك ائتلاف دولة القانون ضمن تحالف مع منظمة بدر التي يرأسها وزير النقل الحالي هادي العامري ومستقلون التي يتزعمها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني وتضم عددا من النواب الحاليين مثل حيدر العبادي وعباس البياتي ومستشار الأمن الوطني السابق موفق الربيعي ومحافظ السابق صلاح عبدالرزاق ورئيس المجلس السابق كامل الزيدي.
لكن ائتلاف المالكي اعتمد أسلوبا سبقه اليه التيار الصدري في الانتخابات الماضية فجزأ عددا من قوى سياسية كانت متحالفة معه وشكل قوائم صغيرة برئاسة عدد من قياداته السابقة لتزاحم القوائم الكبيرة المنافسة قبل ان تعود فتتحالف مع القائمة الكبيرة.
ومن تلك القوى تيار الدولة العادلة الذي يتزعمه وزير السياحة السابق قحطان الجبوري وتجمع النهضة الشاملة وائتلاف الوفاء العراقي الذي يرأسه النائب عن دولة القانون سامي العسكري وتجمع الكفاءات والجماهير الذي يتزعمه النائب عن ائتلاف دولة القانون هيثم الجبوري.
كما تضم تلك القوى تيارالرماح برئاسة سرمد المولى اضافة الى ائتلاف الفضيلة وتحالف الإصلاح الوطني بزعامة رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري والكتلة البيضاء برئاسة النائب جمال البطيخ وكتلة صادقون التابعة لحركة عصائب أهل الحق التي يتزعمها الشيخ قيس الخزعلي المنشق عن الصدر في محاولة من ائتلاف المالكي الاستفادة من طريقة (سانت ليغو) التي يؤمل احتساب الأصوات الانتخابية بموجبها.
وسيكون نظام (سانت ليغو المعدل) الذي سيطبق في احتساب الأصوات بانتخابات الشهر الجاري لصالح الكتل الصغيرة حيث يعتمد هذا النظام على احتساب الأصوات بتقسيمها على نسبة 6ر1 و 6ر3 صعودا الى الرقم الفردي وبعكس نظام (هوندت) سيزيد هذا النظام من امكانية حصول الكيانات الصغيرة على أصوات إضافية بينما سيضر الكتل الكبيرة التي ستفقد هذه الاصوات.
وسيعطي هذا النظام الكتل الصغيرة نفوذا أقوى في البرلمان المقبل قد يجعلها تدخل في مفاوضات طويلة مع الكتل الكبيرة التي تسعى الى التحالف معها وهذا بدوره قد يؤدي الى تعطيل تشكيل الحكومة المقبلة خصوصا لعدم وجود قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية في العراق.
أما حلفاء الامس خصوم اليوم فسيلعبون اللعبة نفسها مع اضافات انهم حسموا تحالفا عريضا حافظ الى حد بعيد على ملامح التحالف الوطني ولكن بصورة قطبين هما الاحرار الممثل للتيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي.
وواقعا لم يعد التحالف الوطني موجودا بحسب ما أعلنه وزير العدل حسن الشمري مرشح ائتلاف الفضيلة في ذي قار وسيخوض الحلفاء في التحالف السباق الانتخابي بكيانات منفردة هي (قائمة المواطن) برئاسة عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامي ويمتلك مؤيدين في مناطق الفرات الأوسط وجنوب البلاد.
ويضم ائتلاف المواطن المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم وحزب المؤتمر الوطني العراقي بزعامة احمد الجلبي اضافة الى احزاب وقوى سياسية بارزة هي المجلس السياسي للعمل العراقي والمجلس العراقي الديمقراطي الموحد وحزب المواطن وتجمع الأمل وتجمع العدالة والوحدة وتجمع المواطنة الصالحة وتجمع كفاءات العراق المستقل وحركة ارادة العراق وحركة الجهاد والبناء وحركة الدعوة الإسلامية واحزاب اخرى.
وتتمتع هذه القائمة بثقل جماهيري في بغداد والنجف وواسط والبصرة وستنافس في كربلاء وميسان والمثنى والديوانية.
أما التيار الصدري الذي اعلن الزعيم مقتدى الصدر انه سينأى بنفسه عن دعم أي قائمة بعينها لدى انسحابه من العملية السياسية الا ان تياره سينافس في هذه الانتخابات بثلاث قوائم هي (تيار الأحرار) بزعامة وزير الاعمار والاسكان محمد الدراجي وقائمة (الشراكة الوطنية) بزعامة بهاء الاعرجي وقائمة (النخب والكفاءات) بزعامة ضياء الاسدي.
وتتمتع هذه القوائم بقاعدة جماهيرية في بغداد خاصة في مدينة الصدر والشعلة والكاظمية والحرية وهي مناطق ذات كثافة سكانية كبيرة فضلا عن محافظات ميسان والنجف وبابل وكربلاء والبصرة وذي قار.

ويؤشر المشهد السياسي العراقي ايضا الى ثاني ابرز انقسام لائتلاف سياسي عريض وهو القائمة (العراقية) التي كان يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي لتنقسم الى قوائم انتخابية عديدة ابرزها قائمة (متحدون للاصلاح) بزعامة رئيس البرلمان اسامة النجيفي وابرز القوى السياسية المتحالفة تحت لوائه هي التجمع المدني للاصلاح (عمل) والتجمع الوطني العشائري المستقل والجبهة التركمانية العراقية والحركة الوطنية للاصلاح والتنمية (الحل) ومؤتمر صحوة العراق وبصرتنا وتجمع المستقبل الوطني وتجمع صلاح الدين للتنمية وتجمع عشائر ام الربيعين الوطني وحركة حماة العراق (حق) وللعراق متحدون.
كما تم تشكيل قوى اخرى من القائمة التي مثلت طوال اربع سنوات جبهة معارضة للحكومة التي رأسها المالكي ائتلافات اخرى ابرزها ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي وائتلاف العربية بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وائتلاف كرامة المدعومة من رجل الاعمال خميس الخنجر وائتلاف العراق المدعومة من رجل الاعمال فاضل الدباس فضلا عن ائتلاف وحدة ابناء العراق بزعامة وزير الدفاع سعدون الدليمي.
أما تحالف الكتل الكردستانية فقد بدا أكثر تماسكا من غيره من القوى السياسية العراقية محافظة على روابط قومية تحكم مشروعه السياسي في بغداد وتسيطر على خلافات الاحزاب الكردية داخل اقليم كردستان العراق وتمنع انتقالها الى المشهد في العاصمة العراقية.
الا ان هذا التحالف لن يخوض هذه الانتخابات تحت عنوان واحد في مدن اقليم كردستان العراق بل بقوائم منفصلة تقودها الاحزاب الرئيسة احدها (الاتحاد الوطني الكردستاني) بزعامة الرئيس العراقي الغائب لمرضه جلال طالباني ومنطقة نفوذه السليمانية وكركوك.
اما ثاني تلك الاحزاب فهو (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ومنطقة نفوذه اربيل ودهوك ونينوى الى جانب (حركة التغيير) بزعامة نيشروان مصطفى ومنطقة نفوذها السليمانية وكركوك وتنافس في اربيل مستفيدة من زخم انتصار عريض في الانتخابات الاخيرة لمجالس المحافظات بالاقليم والجماعة الإسلامية الكردستانية التي تتمتع بشعبية لا بأس بها في محافظة دهوك وكذلك اربيل.
لكن الاحزاب الكردية المتنافسة في كردستان اجتمعت في بغداد بقائمة واحدة هي الائتلاف الكردي الموحد مقدمة 19 مرشحا سيخوضون الانتخابات في العاصمة يرأسهم القيادي في حزب طالباني الاتحاد الوطني الكردستاني فرياد راوندوزي.
وتضم تلك القائمة الكردية في بغداد مرشحين من الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني الى جانب عدد من المرشحين التركمان والعرب وبعض المرشحين المستقلين الاكراد لكن تغيب عنها حركة التغيير (كوران) وكذلك الجماعة الاسلامية الكردستانية.
ويقول راوندوزي الذي ترفع قائمته شعار (الدستور او الكونفدرالية) ان "القائمة تعمل على اعادة تنظيم اركان المؤسسة التشريعية لتلعب دورها الاساسي في متابعة ومراقبة الحكومة وتسعى لتوطيد العلاقة التاريخية بين العرب والاكراد وبقية المكونات ونزول الاحزاب الكردية مجتمعة في بغداد لتكسب ثقل المكون في العاصمة قبل التحالف مع القوى الكردية المتنافسة في كردستان وبالتالي تحقيق تمثيل حقيقي في البرلمان".
وتحاول معظم هذه القوى السياسية باستثناء ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي فضلا عن الشعارات التي ترفعها وضع رهان تحالفها مع بعضها كشعار انتخابي يمثل مجسا قبل بدء الاقتراع فيما يرفع ائتلاف المالكي شعار حكومة الاغلبية في مواجهة تحالفات بعيدة عنه.
ويظل الحديث عن هذه التحالفات يتراوح بين تأكيده ونفيه ففيما يؤكد ائتلاف متحدون للاصلاح على لسان النائب طلال الزوبعي حصول اتصالات ومناقشات بين ائتلافه وقوائم ممثلة للتيار الصدري والاكراد وكذلك ائتلاف المواطن لتشكيل الحكومة المقبلة فان ائتلاف المواطن ينفي ذلك ويؤكد على لسان المتحدث باسمه بليغ ابوكلل ان هذه اللقاءات والنقاشات لا تعدو كونها تفاهمات اولية.
ويذهب بعيدا زعيم ائتلاف المواطن عمار الحكيم ليؤكد انه "لا تحالفات مسبقة لنا قبل أن يقول الشعب كلمته" ويضيف من حفل انتخابي في ميسان "سنعمل مع من يختاره شعبنا".
لكن النائب المستقل في التحالف الكردستاني محمود عثمان يؤكد امكانية تشكيل تحالف جديد يضم كتل البارزاني وعلاوي والحكيم والصدر والنجيفي لتشكيل الحكومة المقبلة.
اما زعيم ائتلاف الوطنية اياد علاوي فقد اعلن بعد لقائه رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ان ثمة تنسيقا يجري بين الوطنية والتيار الصدري وكتلة المواطن والتحالف الكردستاني.
ويظل ذلك كله بانتظار نتائج الانتخابات التي ستحدد الحصان الاسود في شكل تلك التحالفات داخل البرلمان الذي سيزداد عدد اعضائه هذه المرة بعد قانون انتخاب مجلس النواب العراقي المقر مؤخرا الى (328) مقعدا توزع (320) مقعدا منها على المحافظات الثماني عشرة وفقا للحدود الادارية حيث ستكون كل محافظة دائرة انتخابية واحدة.
وتوزعت على بغداد (69 مقعدا) ونينوى (31 مقعدا) والبصرة (25 مقعدا) وذي قار (19 مقعدا) وبابل (17 مقعدا) والسليمانية (18 مقعدا) والانبار (15 مقعدا) واربيل (15 مقعدا) وديالى (14 مقعدا) بينما تبلغ حصة كركوك وصلاح الدين والنجف (12 مقعدا) لكل واحدة منها.
أما واسط والقادسية ودهوك وكربلاء فلكل منها (11 مقعدا) فيما ميسان (10 مقاعد) والمثنى (سبعة مقاعد).
ومنح القانون (ثمانية مقاعد) للمكونات (المسيحي والايزيدي والصابئي والمندائي والشبكي) حيث ستذهب خمسة مقاعد للمكون المسيحي وتوزع على المحافظات (بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل) ومقعد للمكون الايزيدي في محافظة نينوى وكذلك المكون الشبكي اما الصابئي والمندائي فقد منحا مقعدا واحدا في بغداد.(النهاية ) م ح غ / م ع ح