( من منتهى الفضلي

 الكويت - 4 - 8 (كونا) -- هناك علاقة حميمة وقديمة بين السلاحف البحرية واطفال الكويت تجسدت صورتها في الاهازيج الشعبية والفلكلور المحلي فقد كان الاطفال يرددون بعض المقاطع الجميلة التي تصف مشي السلحفاة والتي يطلق عليها محليا اسم (الحمسة) وهم بذلك يقلدون مشيتها البطيئة المتمايلة وقد استخدمت تلك الاهازيج في اللوحات الشعبية التراثية والادب الشعبي.
واذا كان اسم (الحمسة) يطلق على السلحفاة البحرية كبيرة الحجم فان اسم (العقروقة) يطلق على صغارها وكانت تمثل طالع حسن للغواص الكويتي لان وجودها يعني عدم وجود الاسماك المفترسة في المنطقة.
وحول حياة السلاحف البحرية الموجودة في المياه الاقليمية الكويتية يقول الباحث العلمي في قسم البيولوجي بكلية العلوم بجامعة الكويت الدكتور سالم المهنا لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه بدراسة ثلاثة انواع من الزواحف ومن خلال تتبع الثغرة الوراثية لها تبين ان معيشتها تتلائم مع بيئة المياه الاقليمية الكويتية.
واوضح انه يوجد سبعة انواع من السلاحف البحرية المعروفة حول العالم اربعة انواع يمكن مشاهدتها في الكويت وشمال الخليج العربي وهذه الانواع تنتمي الى عائلتين الاولى السلاحف ذوات الظهر الجلدي والثانية السلاحف البحرية ذوات الدرع الصلب ومنها السلحفاة الخضراء والسلحفاة ذات منقار الصقر.
واضاف هناك نوع يسمى السلحفاة (ردلي الزيتونية) ونادرا ما يشاهد في المياه الاقليمية اذ هو من النوع الصغير ويتواجد في مياه البحر المحيطة بالجزر الايرانية اما النوعين المتبقيين فهما السلحفاة (المسطحة الاسترالية) وسلحفاة (كمب ردلي) وهي لا تعيش في مياه الخليج.
وقال المهنا ان السلاحف من اقدم المخلوقات الحية على سطح الارض وتشير بقايا حفريات السلاحف الى وجودها منذ ملايين السنين وتعتبر السلحفاة ذات الظهر الجلدي من اكبر انواع السلاحف البحرية على سطح الارض وتعرف بعابرة المحيطات لقدرتها اثناء هجرتها على قطع مسافات طويلة.
وذكر ان السلحفاة الخضراء تأتي كل عام الى المياه الكويتية لبناء اعشاشها ووضع البيض فيها ودفنها في الرمال ولسوء الحظ فان عددا كبيرا يتعرض للعبث والتدمير من قبل البعض الذين يقومون بحفر هذه الاعشاش للحصول على البيض اضافة للعوامل الطبيعية ونفوق البيض في حالة فيضان مياه البحر وتعتبر السلحفة ذات منقار الصقر النوع الثاني من السلاحف الاكثر تواجدا في المياه الكويتية وهي اصغر حجما بقليل من السلاحف الخضراء.

 وقال المهنا ان السلاحف البحرية دائمة الترحال والهجرة وتتواجد على امتداد الشريط الساحلي لدولة الكويت والغريب ان هذه السلاحف تقوم بقياس الحقل المغناطيسي للأراضي لمعرفة وتحديد الطريق الذي من خلاله تحدد وترسم ذهابها وايابها من المناطق المختلفة وهذه الخاصية المغناطيسية تساعد السلاحف البحرية على تمييز القطب الشمالي ومن ثم استخدامه كأداة او بوصلة مغناطيسية.
وذكر انها تتميز بعدة الوان وهي الاصفر والاخضر والاسود وقد يصل طول السلحفاة الى 2ر4 متر ووزنها الى 600 كيلو جرام وقد تعيش لاكثر من 70 عاما ولكن معظم السلاحف اصغر من ذلك حيث يتحدد معدل الطول بمتر واحد من الرأس الى الذيل ومعدل الوزن يصل من 40 الى 60 كيلو جرام اما صغار او صيصان السلاحف حديثة الولادة فيبلغ طول جسمها نحو 8 سنتيمترات ووزنها 50 جراما وتسمى صغار السلاحف باللهجة الكويتية (العقروقة) وسن البلوغ عند هذه السلاحف بين 25 الى 35 سنة.
وقال ان شكل جسم السلحفاة يحدده شكل الصدفة او الدرع والذي يغطي الجانب الظهري وتتكون الصدفة عادة من عدة صفائح وحراشف قرنية ومن الامام يظهر الرأس الضخم خال من الاسنان فهي تتغذى على الطحالب والاعشاب البحرية وللسلحفاة البحرية زوج من الزعانف الامامية والخلفية وتعتبر السلاحف عائلة من عائلات الزواحف التي تتنفس الهواء الجوي بواسطة الرئتين.
واشار الى وجود اعداء كثيرة للسلاحف تنغص عليها حياتها غير انه ولحسن طالعها تعتبر من اسرع الكائنات البحرية التي تسبح في مياه البحر المفتوحة كما انها من ابرع الغواصين اضافة الى مقدرتها على الهجوم المعاكس عندما تهاجم مما يجعلها قادرة على الدفاع عن نفسها حتى من بعض اسماك القرش وذلك من خلال غرس منقارها القرني في فتحات خياشيم القرش.
واضاف ان المخاطر لا تتوقف عند هذا الحد بل ايضا تشمل الحيوانات البرية المفترسة كالفئران والثعابين والتي تستدل على اعشاش بيض السلاحف لالتهامه من خلال استخدام حاسة الشم وتتبع رائحة السلحفاة الام التي تركته على الشاطيء.
وقال الدكتور المهنا ان المياه الاقليمية وشواطيء الكويت تحتوي على مواقع لتغذية والسلاحف وتكاثرها مما يجعلنا نشاهدها تسبح في الاماكن التي تتوفر فيها الطحالب والاعشاب البحرية والحيوانات اللا فقارية الصغيرة وافضل هذه الاماكن هي الجزر الكويتية فهي تحتوي على مساحات شاسعة من السواحل الرملية مع شريط ساحلي ضحل قليل الانحدار وقليل من المؤثرات البشرية.
واوضح ان جزيرة قاروه تعتبر من افضل الاماكن لتكاثر السلاحف فقد تم العثور على الكثير من اثار السلاحف البحرية واعشاش البيض فيها الى جانب جزيرة ام المرادم والتي تحتضن بيض السلاحف بصورة دائمة في سواحلها الجنوبية والجنوبية الغربية

 - وذكر المهنا ان السلاحف البالغة تتجمع في المياه المحيطة بالشعاب المرجانية في الفترة مابين شهري مايو ويوليو من كل عام ويتم خلال هذه الفترة التعارف والتودد والمغازلة بين الجنسين وخاصة من قبل الذكور فمن المألوف ان يندفع الذكر غريزيا باحثا عن الانثى وهذا السلوك قد يؤدي الى احتمال قيام ذكور بالتزاوج مع اناث من انواع وسلالات مختلفة وهذا بدورة يؤدي الى ظهور انسال واجيال مختلفة في مواصفاتها نوعا ما عن الذكر والانثى علما بأن غالبية السلاحف الهجين تكون عقيمة.
وقال ان عملية وضع البيض بالنسبة لأنثى السلحفاة عملية مرهقة ومجهدة لدرجة ان هذا الارهاق والجهد يترجم بأصوات تصدرها على شكل نخير او نفخ نتيجة للتنفس العميق الذي يتطلبه المجهود المبذول من قبل هذه الاناث خلال وضع كمية من البيض.
واوضح ان انثى السلحفاة تبدأ عملية تغطية البيض بالرمال المجاورة والتأكد من اخفاء مكانه ومن ثم تبدأ بالزحف خارج الحفرة الكبيرة متوجهة الى البحر مودعة صغارها وبذلك لا تتمكن الاناث من رؤية صغارها بعد ذلك مطلقا والى الابد فجميع انواع السلاحف البحرية تكون على هذه الشاكلة والسلوك فهي لا تحضن صغارها وعلى الصغار ان تشق طريقها وحدها دونما مساعدة من احد.
وبين ان درجة حرارة التربة تؤثر على جنس وتكوين الاجنة ونموها داخل البيض فاذا كانت درجة حرارة الرمال عالية نسبيا فهذا سيؤدي الى انتاج اناث بينما اذا كانت منخفضة او باردة نسبيا فسيؤدي الى انتاج ذكور وعليه فان اختيار الموقع والعمق الذي يتم فيه بناء عش البيض هو في غاية الحساسية والاهمية لتحديد جنس الجنين.
واضاف ان البيض المدفون في السواحل الكويتية يتعرض الى درجة حرارة الشمس المباشرة والتي قد تصل الى 75 درجة مئوية في شهر اغسطس في الشمس و 55 درجة في الظل وكلما كان عش البيض عميقا كانت درجة الحرارة منخفضة وباردة وكلما كان اقل عمق كان اشد حرارة.
وقال المهنا ان السلاحف لا تحتوي على كروموسم الجنس كما هو الحال في بقية انواع الحيوانات الاخرى انما درجة الحرارة هي من تلعب دور في تكوين جنس السلحفاة وتلجأ السلاحف الى السبات الشتوي وتتوقف عن التغذية عندما تقل درجة حرارة المياه الكويتية في فصل الشتاء وتستهلك احيانا كمية كبيرة من الطاقة اثناء السباحة لتوليد الحرارة الكافية للجسم.
وحول بعض الامور الغريبة في عالم السلاحف قال انها تنمو وتتكاثر اكثر في حالة اسرها اما عندما يتم اطلاقها في المياه فانها غالبا ما تتعثر في الحصول على غذائها وينخفض معدل نموها وتضيع في اعماق المياه كما انها تستطيع ان تسبح لفترات طويلة تتجاوز الاسبوع الكامل دون توقف وبسرعة تتجاوز 2ر5 متر في الثانية.(النهاية) م ف / ن ا