A+ A-

العقار السكني يتجاوب مع موجة انخفاض القطاع في مجمله متأثرا بعوامل داخلية وخارجية

العقار السكني يتجاوب مع موجة انخفاض القطاع
العقار السكني يتجاوب مع موجة انخفاض القطاع

من منيرة السلطان

الكويت - 27 - 7 (كونا) -- تجاوبت أسعار العقار السكني مع موجة الانخفاض الذي طال قطاع العقار الكويتي بالمجمل حيث تأثر هذا القطاع سلبا بعوامل داخلية وخارجية في ظاهرة تستحق التوقف عندها نظرا إلى طبيعة هذه العوامل التي انقسمت بين تقليدية وأخرى مستحدثة.
وعزت تقارير متخصصة حديثة صادرة عن أكثر من جهة هذا الانخفاض إلى جملة عوامل تقليدية مثل انخفاض أسعار النفط والسياسات الائتمانية المتشددة وآليات العرض والطلب وضبابية المشهد الاقتصادي في حين زاد عليها مراقبون عوامل مستحدثة محلية واقليمية كتسارع وتيرة توزيعات المؤسسة العامة للرعاية السكنية وتراجع عوائد الاستثمار في المجال العقاري وتقلص أعداد المطورين فضلا عن المخاوف الاقليمية ومناخ التشاؤم والتوجه الكويتي نحو العقار الجاذب خارج البلاد.
ولعل العزوف عن الشراء أو حالة التريث والترقب التي شهدتها السوق العقارية المحلية ظاهرة تستدعي التأمل إذ يراها خبراء عقاريون وبعض المواطنين التقتهم وكالة الأنباء الكويتية (كونا) تتوزع بين مشتر بانتظار مزيد من الانخفاض في الأسعار وبائع يأمل تحسن هذه الاسعار لاسيما ان الاسعار الحالية حسب محللين هي الادنى منذ عقود.
وقال أمين سر اتحاد العقاريين قيس الغانم إن قطاع العقار في الكويت تراجع بشكل عام متأثرا بعدة عوامل بما فيها تراجع اسعار النفط والتطورات الاقليمية مؤكدا تأثير هذا الامر على قطاع العقار السكني اضافة الى عوامل خاصة بالقطاع تحديدا.
وأوضح الغانم ان العزوف عن شراء القطاع السكني يعود الى حالة التخوف والضبابية التي تسود المشهد الاقتصادي المحلي والمشهد السياسي الاقليمي الامر الذي يدفع المواطن اجمالا نحو الحفاظ على السيولة النقدية (كاش).
وأضاف ان حجم العرض في سوق العقارات السكنية اكبر من الطلب بسبب هذه الحالة من التخوف متوقعا ان يشهد السوق المزيد من العروض في الاشهر الثلاثة المقبلة.
وتطرق الغانم الى حالة من الغموض تطال الفترة التي يحتاجها قطاع العقار كي يستقر شأنه في ذلك شأن باقي القطاعات الاقتصادية الاخرى في ظل استمرار المخاوف الاقليمية وضبابية المستقبل.
بدوره عزا الرئيس التنفيذي لشركة (بلوبرينت) القابضة مشعل الملحم عدم اقبال المواطنين على شراء السكن الخاص على الرغم من تراجع الاسعار يعود الى جملة اسباب وعوامل اثرت على القطاع العقاري بشكل عام.
وقال الملحم ان من بين اهم العوامل توقف كبار المستثمرين العقاريين والمطورين التقليديين عن الاستثمار في هذا القطاع لجملة أسباب ابرزها انعدام وجود فرص حقيقية لتحقيق مضاعفات عالية وعوائد استثمارية مجزية.
وأوضح ان بعض جهات الاستثمار المحلية توجهت نحو أسواق العقار العالمية سواء عن طريق مباشر او عن طريق محافظ مدارة من قبل شركات محترفة مؤكدا ان تشديد السياسات الائتمانية من قبل المصارف المحلية ساهم كذلك في هذه الموجة.
واضاف الملحم ان من العوامل التي اثرت أيضا على سوق العقار وعلى اقبال المواطن لشراء العقار السكني خروج شركات الاستثمار العقاري التقليدية "من اللعبة منذ فترة طويلة بسبب ازمة 2008 التي لم تخرج منها حتى الان" موضحا ان الظروف النفسية والتخوف من التطورات الاقليمية ومناخ التشاؤم قلصت فرص ضخ "الأموال الجامدة على شكل ودائع" الى السوق العقارية.
من جهته أوضح الناشط في مجال القضية الاسكانية عباس الشواف ان تراجع اسعار العقار السكني يرجع الى أكثر من عامل أبرزها "فقاعة التضخم السعري لاسعار المساكن بحد غير مسبوق" والذي يفوق امكانيات الطبقة المتوسطة الكويتية.
واعتبر الشواف ان ما يجري من علاقة بين البائع والمشتري اليوم بالسوق مؤشرات طبيعية لمزيد من الإنخفاض السعري المتوقع في المرحلة المقبلة نتيجة حجم التوزيعات السكنية الحكومية وانشاء مناطق جديدة فضلا عن تزايد عدد الشقق بالسكن الخاص.
وأكد وجود رؤية مشتركة بين طرفي المسألة اذ يرى المشتري عدم تناسب هذه الأسعار مع المرحلة المقبلة في وقت يعتبر المستثمر أن العوائد الشهرية مرشحة للهبوط اكثر.
وشدد الشواف على وجوب توجه الحكومة نحو انشاء هيئة عقار تدير التداولات حماية لحقوق المتداولين معتبرا عدم وجود هيئة لتداول العقار وغياب الدراسات والشفافية يسهم بمزيد من "الفوضى في السوق الكويتي".
من جانبه قال المواطن ناصر العيدان الذي تراجع عن بيع منزل يمتلكه في محافظة العاصمة بسبب ان "سعر السوم الحالي اقل بكثير مما كان قبل عامين" مشيرا الى ان هذا الامر دفعه الى اعادة التفكير ببيع المنزل.
واضاف العيدان ان السوق العقاري في الظروف الحالية ليس جيدا للبائع كونه سيخسر كثيرا بسبب تراجع الاسعار مفضلا الانتظار حتى "تتحسن الاسعار وتزول الاسباب التي ادت الى هذه الانخفاضات".
واعتبر ان السوق العقاري في ظل الظروف والاسعار الحالية يمثل فرصة للراغبين في الشراء وخسارة للمضطرين للبيع داعيا غير المضطرين للبيع الى الانتظار حتى تتعافى الاسعار وفق مقولة (العقار يمرض ولا يموت).
في المقابل يرى المواطن عبدالله الصانع ان الاسعار لازالت "دون مستوى الطموح" للشراء رغم تراجع اسعار العقار في الوقت الحالي مضيفا ان الاسعار تعتبر مرتفعة جدا خصوصا لاصحاب الدخل المحدود.
وأوضح الصانع ان المواطن حاليا بين خيارات محدودة فإما الايجار في المناطق السكنية او التجارية او انتظار توزيعات المؤسسة العامة للرعاية السكنية.
واشار الى ان الفترة الحالية تعد فرصة للمواطن المدخر كون العقار انخفض مقارنة بالسنوات الماضية ما يدفعه الى الشراء تخوفا من ارتفاع الاسعار مجددا مؤكدا ضرورة وجود جهة مختصة لمراقبة وتحديد اسعار العقار.
من ناحيته اوضح المواطن محمد السبيعي ان وضع العقار الحالي وعلى المدى القريب والمنظور ليس في طريقه الى التحسن على الاقل إن لم يتراجع بشكل اكبر لاحقا لذا فان الانتظار "هو الخيار الافضل حاليا".
واضاف السبيعي ان سياسة مؤسسة الرعاية السكنية في تكثيف وتنويع الوحدات السكنية يمنح الموطن "خيارات اخرى افضل من الناحية المالية لاسيما مع تبني الحكومة للقضية الاسكانية بشكل كبير".
وذكر ان المستجدات في مجال الرعاية السكنية وحجم توزيعات المؤسسة وفر "مدة انتظار يمكنني تحملها لذا فإن كل الخيارات تجعلني اختار عدم الشراء".
وفي المجمل العام اخترقت حالة السكون التي سادت تداولات العقارات السكنية في السنتين الماضيتين موجة تحسن بدأت في ابريل الماضي حسب البيانات الرسمية لقطاع العقار المحلي التي اظهرت ان تداولات العقارات السكنية تضاعفت في مايو الماضي مقارنة بأبريل الماضي لتسجل ثاني ارتفاع لها في نحو عامين بعد أن انخفض متوسط قيمة الصفقة العقارية للسكن الخاص في مايو الماضي بنسبة 18 في المئة عن مايو من عام 2016.
وشملت التداولات العقارية للقطاع السكني في مايو الماضي ثلاث محافظات فقط حيث تربعت محافظة حولي على رأس القائمة تلتها مبارك الكبير في حين احتلت محافظة العاصمة المرتبة الثالثة والاخيرة.
لكن التحركات المحسوبة على أساس سنوي لمتوسط قيمة الصفقة العقارية للسكن الخاص مازالت تأخذ منحى الهبوط مواصلة بذلك انخفاضها عن مستوياتها في الأعوام الماضية. (النهاية) م ف س / ج خ