A+ A-

الرئيس التركي يحمل ملفات ساخنة في أول جولة خارجية بعد الاستفتاء الشعبي

لرئيس التركي رجب طيب اردوغان
لرئيس التركي رجب طيب اردوغان

من رضا سردار

أنقرة - 29 - 4 (كونا) -- يبدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم غد الاحد اول جولة خارجية له بعد الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية في ال16 من الشهر الحالي والذي اسفرت نتائجه عن تأييد هذه التعديلات بفارق ضئيل.
وسيحمل الرئيس التركي ملفات ساخنة ومهمة الى كل من الهند وروسيا والصين والولايات المتحدة والعاصمة البلجيكية بروكسل التي تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وسيبدأ الرئيس اردوغان جولته بزيارة الى الهند هي الاولى له منذ توليه منصب الرئاسة في شهر أغسطس عام 2014 اذ سيشارك في منتدى الأعمال التركي-الهندي المزمع عقده غدا الاحد.
ومن المقرر ان يلتقي اردوغان بالرئيس الهندي براناب موخرجي ونائبه محمد حميد أنصاري ورئيس الوزراء ناريندرا مودي لبحث قضايا مكافحة الارهاب وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وأنشطة ما يسمى بمنظمة (الكيان الموازي) في الهند الى جانب دعم نيودلهي في سعيها للحصول على عضوية (مجموعة الموردين النوويين).
وفي الثالث من مايو المقبل سيزور الرئيس التركي مدينة (سوتشي) الروسية اذ سيلتقي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في رابع اجتماع رسمي بينهما منذ حادثة اسقاط تركيا طائرة حربية روسية كانت في مهام على الحدود السورية في 2015.
وستتصدر مباحثات الزعيمين اللذين كان آخر اجتماع بينهما في شهر مارس الماضي بموسكو الأزمة السورية خاصة بعد التطورات الأخيرة التي حدثت اثر الهجوم الصاروخي الأمريكي على قاعدة عسكرية في سوريا في الرابع من الشهر الحالي.
وكان البلدان اتفقا في أول تعاون بين أنقرة وموسكو حول الملف السوري على عملية اجلاء المدنيين والمقاتلين من شرق مدينة حلب شمالي سوريا الى ريف ادلب في شهر ديسمبر الماضي وبذلا جهودا في عقد مفاوضات سلام بين النظام السوري والمعارضة في استانا عاصمة كازاخستان في شهر يناير الماضي.
واعلنت هيئة رئاسة الاركان التركية في شهر يناير الماضي ان سلاحي الجو التركي والروسي شنا غارات جوية مشتركة ضد مواقع تابعة لما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) جنوب مدينة (الباب) السورية للمرة الأولى في تطور لافت على تحسن العلاقات بين البلدين.
ورغم تحسن العلاقات بين البلدين بعد حادثة اسقاط المقاتلة الروسية فان العلاقات الاقتصادية ما تزال تعترضها بعض المشاكل في ظل القيود الروسية المفروضة على المنتجات الزراعية التركية وفرض أنقرة ضرائب على القمح المستورد من روسيا.
وادخلت تركيا في منتصف شهر مارس الماضي تعديلات على نظام استيراد بعض أنواع المنتجات الزراعية كالقمح وزيت عباد الشمس للمعالجة داخل البلاد دون ان تدرج روسيا في قائمة البلدان التي لها حق الصادرات المعفاة من الرسوم الجمركية.
وكانت روسيا حظرت في يناير 2016 دخول الفواكه والخضراوات التركية ضمن سلسلة عقوبات فرضتها موسكو على أنقرة بعد حادثة اسقاط المقاتلة الروسية.
وبدأت موسكو رفع العقوبات تدريجيا بعد اعادة تطبيع العلاقات مع أنقرة إلا ان حظر استيراد بعض الأغذية كالطماطم والعنب التي تبلغ قيمة استيرادها من تركيا نحو 425 مليون دولار لا تزال ممنوعة.
ويبحث وفد روسي رفيع المستوى يمثل وزارات الزراعة والاقتصاد والنقل في تركيا القيود الروسية المفروضة على منتجات تركية بعد أن زار وفد تركي موسكو الأسبوع الماضي.
وفي اطار تعزيز العلاقات بين البلدين قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد الماضي ان بلاده تسعى الى زيادة مدة إقامة المواطنين الروس في تركيا دون تأشيرة من 60 إلى 90 يوما.
وفي هذا الصدد اعلنت وزارة السياحة التركية ان عدد السياح الروس سجل ارتفاعا في شهر فبراير الماضي بنسبة 96 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي ليصل الى نحو 40 ألف شخص بعد ان شهد انخفاضا في العام الماضي بنسبة 2ر76 في المئة مقارنة بعام 2015.
وفي محطته الثالثة سيشارك الرئيس التركي في ال14 وال15 من الشهر المقبل في منتدى (الحزام والطريق) بالعاصمة الصينية بكين بمشاركة رؤساء 28 دولة بينها روسيا والفلبين واندونيسيا وباكستان.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ اطلق في عام 2013 مشروع (الحزام والطريق) لتعزيز الترابط والعلاقات التجارية بين دول جنوب شرق آسيا واسيا الوسطى والدول الاوروبية من خلال الممرات البحرية والبنية التحتية الارضية الحديثة.
ومن المقرر ان يبحث المنتدى عدة مسائل منها الاقتصاد والتجارة والمال والتكنولوجيا والثقافة والتعليم والطاقة والبنية التحتية في نطاق مشروع لإعادة إحياء طريق الحرير التاريخي.
وبعيدا عن مشاركة اردوغان في المنتدى اقترح أحد مستشاريه قبل الاستفتاء تطبيق (النموذج الصيني) في حال تأييد التعديلات الدستورية للانتقال بنظام الحكم في البلاد الى النظام الرئاسي فيما اقترح آخر تطبيق نظام فيدرالي بيد ان اردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم استبعدا تطبيق ذلك بعد انتقاد زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي حليف حزب العدالة والتنمية في التعديلات الدستورية تلك المقترحات.

ولعل أبرز محطة في جولة اردوغان العالمية هي واشنطن المقررة في ال16 وال17 من الشهر المقبل اذ سيلتقي للمرة الأولى بنظيره الأمريكي دونالد ترامب بعد تولي الأخير منصبه في شهر يناير الماضي.
ومن المنتظر ان يجدد الرئيس التركي مطالبة بلاده تسليم زعيم ما يسمى (الكيان الموازي) فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا والذي تتهمه الحكومة التركية بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت منتصف يوليو الماضي.
وكان اردوغان اعرب في ال20 من الشهر الحالي عن اعتقاده بأن الرئيس الأمريكي الجديد سيفعل ما فشل الرئيس السابق باراك أوباما في القيام به بشأن غولن في حين اعتبر مسؤولون اتراك ان ترامب ينظر الى المقترح التركي ب "ايجابية".
وارسلت تركيا طلبا رسميا الى الولايات المتحدة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لتسليم غولن بناء على اتفاقية تسليم المتهمين بين البلدين الموقعة عام 1979.
وتأتي مسألة دعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري ووحدات الحماية الشعبية الكردية لمحاربة تنظيم (داعش) في شمال سوريا التي تشكل "حساسية" لتركيا ضمن الملفات المهمة التي سيحملها أردوغان الى واشنطن.
وطالبت أنقرة مرارا واشنطن بوقف تعاونها مع القوات الكردية في شمال سوريا وأكدت رفضها المشاركة في عملية تحرير مدينة الرقة السورية في حال مشاركة هذين التنظيمين اللذين تعتبرهما امتدادا لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
ويتفق الطرفان على مسألتي مكافحة "الارهاب" وانشاء منطقة آمنة في شمال سوريا خاصة بعد دعوة ترامب لإنشاء المنطقة لعودة اللاجئين السوريين وحمايتهم.
وهنأ الرئيس الأمريكي نظيره التركي في اتصال هاتفي الأسبوع الماضي على تأييد التعديلات الدستورية بالاستفتاء الشعبي مؤكدا أهمية أنقرة كحليف وصديق للولايات المتحدة والعمل معها لخلق اطار جديد لتعزيز العلاقات الثنائية.
واعرب ترامب عن شكره لتركيا على تأييد الهجوم الصاروخي الأمريكي على قاعدة عسكرية سورية ردا على استخدام الأخيرة الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في ادلب.
وتعتبر بروكسل المحطة المهمة الثانية في جولات اردوغان اذ سيلتقي في ال25 من الشهر المقبل مع خصوم الأمس القريب بعض القادة الاوروبيين على هامش انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وشهدت العلاقات بين تركيا وبعض الدول الاوروبية خاصة ألمانيا وهولندا وسويسرا مطلع مارس الماضي توترا اثر منع السلطات الألمانية وزراء أتراك من لقاء مواطنيهم حول الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية وابعاد هولندا وزير الأسرة التركية فاطمة بتول صيان قايا ومنعها من دخول قنصلية بلادها بمدينة روتردام ومنع السلطات الهولندية هبوط طائرة وزير الخارجية التركي بمطار روتردام للسبب ذاته.
وهدد الرئيس التركي بمنع هبوط طائرات الدبلوماسيين الهولنديين بالمطارات التركية متوعدا بتنفيذ هذا الاجراء بعد الاستفتاء الشعبي.
وانتقد اردوغان ومسؤولون اتراك تنظيم مظاهرة لحزب العمال الكردستاني ورفع لافتة تحرض على قتل الرئيس التركي أمام البرلمان السويسري والسماح لأنصار الحزب بالتظاهر ضد التعديلات الدستورية في العواصم الاوروبية.
ووصف الرئيس التركي تلك الإجراءات بأنها "لا تختلف عن ممارسات النازية" في حين أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وجود خلافات "عميقة" مع تركيا لكنها شددت على أن تلك الخلافات لا تحول دون مواصلة الحوار مع انقرة.
وستتركز مباحثات اردوغان مع القادة الاوروبيين على تهدئة الأوضاع بين الطرفين وبحث مسألة اعفاء المواطنين الاتراك من تأشيرة الدخول الى اوروبا.
واعلن جاويش أوغلو في 13 أبريل الجاري ان بلاده ستقدم "مقترحا نهائيا" بعد الاستفتاء بشأن اعفاء مواطنيه من تأشيرة الدخول الى اوروبا في حين هدد وزير شؤون الاتحاد الاوروبي التركي عمر جليك السبت الماضي بإيقاف العمل بإتفاقية إعادة قبول اللاجئين الموقعة مع الاتحاد الاوروبي في مارس 2016 إذا لم تقبل دولة الاتحاد المقترح التركي.
ووفقا لتقرير المفوضية الاوروبية الصادر في شهر مارس الماضي يتوجب على أنقرة الوفاء بسبعة معايير منها مراجعة القوانين المتعلقة بالارهاب استنادا للمعايير الاوروبية من اصل 72 معيارا للحصول على اعفاء من تأشيرة الدخول الأمر الذي ترفضه تركيا.
ومن المتوقع أيضا ان تتضمن محادثات اردوغان مع القادة الاوروبيين فتح فصول جديدة في ملف انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي وأنشطة منظمتي حزب العمال الكردستاني وما يسمى (الكيان الموازي) في اوروبا ومكافحة "الارهاب".(النهاية) ر س