A+ A-

رؤية (كويت 2035).. خطوات ملموسة واصلاحات واضحة لبناء اقتصاد معاصر

مشروع الوقود البيئي
مشروع الوقود البيئي

 من خالد المطيري
   الكويت - 24 - 4 (كونا) -- دعم وتطوير القطاعات الاقتصادية الوطنية المنتجة من اولويات العمل الحكومي حاليا للوصول الى اقتصاد معاصر يرتكز على التنوع والاستدامة والحداثة بعد 18 عاما من الان وذلك ضمن خطة الاصلاح الاقتصادي الهيكلي والبنيوي التي رسمت الحكومة ملامحها في ركيزة (الاقتصاد المتنوع المستدام) وفق رؤية (كويت 2035).
   فالموازنة العامة للكويت لعام 2035 ستختلف عن وضع الموازنة الحالية إذ ستكون الايرادات النفطية في تلك الموازنة محدودة مقارنة بالايرادات المحققة من قطاعات اقتصادية منتجة كالصناعة والتكنولوجيا والسياحة والخدمات والبنوك والاستثمار فضلا عن تفعيل الاقتصاد المعرفي والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
   وسيساهم القطاع الخاص بقيادة الاقتصاد الوطني بعد هذه الاعوام ال18 وفق عدة صيغ منها الشراكة مع القطاع العام او عبر ادارة مرافق الدولة او عبر عمليات تخصيص حيث تم تأسيس العديد من الجهات والهيئات المختصة والمعنية بهذا الشأن منها هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وهيئة تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر وهيئة اسواق المال والهيئة العامة للتخصيص والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
   وعبر هذه الخطط والهيئات سيتحقق الاقتصاد المتنوع المستدام الذي يعرف بأنه اقتصاد ترتكز دعائمه على تمكين القطاع الخاص وزيادة عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة وجذب الاستثمارات الأجنبية لاستقطاب التقنيات الحديثة انتاجيا وإداريا.
   حيث يساهم ذلك في تكوين قاعدة انتاجية متنوعة وقطاع خدمي فعال إضافة الى توافر قطاع مالي مستقر وقطاع حكومي دوره الأساسي هو التنظيم والمراقبة لتحسين بيئة الأعمال وجعلها جاذبة للاستثمارات الوطنية والاجنبية.
   وتلامس ركيزة (الاقتصاد المتنوع المستدام) المواطن بصورة مباشرة في حياته اليومية لذا كان اهتمام الحكومة الكويتية بها واضحا وجليا لاسيما بعد توجيه حضرة صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح في النطق السامي خلال افتتاح دور الانعقاد الاول للفصل التشريعي الخامس العشر لمجلس الامة بضرورة الاهتمام بها.
   واكد سموه خلال نطقه السامي ان البلاد تواجه تحديا يهدد مسيرتها يتمثل في الانخفاض الهائل في ايرادات الدولة جراء انهيار اسعار النفط في العالم ما أحدث عجزا كبيرا في الموازنة العامة للدولة داعيا الى المبادرة باتخاذ اجراءات فعالة لمعالجته والتخفيف من اثاره.
   وشدد سموه على "ان خيار تخفيض الانفاق العام اصبح امرا حتميا من خلال تدابير مدروسة لاصلاح الخلل في الموازنة العامة ووقف الهدر واستنزاف مواردنا الوطنية وتوجيهها نحو غايتها الصحيحة مع الحرص على التخفيف عن كاهل محدودي الدخل ومراعاة العدالة الاجتماعية وبالمراجعة الدورية لهذه الإجراءات وتقويمها تبعا لوضع إيرادات الدولة".
   واوضح ان "هذا يعد جزءا من برنامج شامل للاصلاح الاقتصادي يكون للقطاع الخاص فيه دوره الحيوي الفاعل يلتزم به الجميع و تقوم الحكومة بإعداد كافة أدواته و تفاصيله العملية الزمنية يعرف فيه المواطن دوره و ما يمكن أن يحققه هذا البرنامج له وللأجيال القادمة ويضمن مشاركته الإيجابية وتحمل مسؤوليته الوطنية".
   وتبرز مما سبق أهمية أن يكون للبلاد (اقتصاد متنوع مستدام) في ظل تلك التحديات بما يضمن توافر مصادر متعددة ومتنوعة للدخل العام للدولة وعدم الاعتماد على مصدر وحيد وهو النفط لاسيما وان هذا المصدر الوحيد غير مستقر نتيجة لكثرة العوامل الخارجية المؤثرة فيه.
   ويعد تحقيق هدف الاقتصاد المتنوع المستدام مسؤولية مشتركة بين كل الاطراف المعنية بعملية التنمية من حكومة وبرلمان وقطاع خاص انتهاء بالمواطن نفسه الا انه يواجه عددا من التحديات اهمها انخفاض حجم الاستثمارات الخاصة سواء الوطنية او الاجنبية والذي ألقى بظلاله على وضع البلاد حيث احتلت مركزا متأخرا لا يليق بها في (مؤشر ممارسة الاعمال) الصادر عن البنك الدولي.
   وتبرز في هذا الصدد حاجة البلاد الملحة لوجود خريطة استثمارية واضحة للمستثمرين توضح القطاعات ذات الميزة التنافسية والفرص الاستثمارية وضرورة توفير التشريعات اللازمة لايجاد بيئة عادلة للمنافسة الاقتصادية واهمية تقليص الاجراءات المتعلقة ببدء تنفيذ الانشطة الاقتصادية وفك التشابك في الاختصاصات بين الجهات المختلفة اضافة الى زيادة الخدمات المعرفية.
   وللتغلب على التحديات والمعوقات التي تواجه تحقيق اهداف ركيزة الاقتصاد المتنوع المستدام تم تحديد خمسة برامج للعمل يضم كل برنامج عددا من المشروعات لها خصائص معينة يتم اختيارها وفقا لمعايير محددة وهي برنامج تهيئة بيئة الاعمال للقطاع الخاص وبرنامج تنويع القاعدة الانتاجية وزيادة معدلات الاستثمار وبرنامج تطوير السياحة الوطنية وبرنامج الاقتصاد المعرفي وبرنامج الاصلاح المالي والاقتصادي للدولة.
   ويهدف برنامج تهيئة بيئة الاعمال في القطاع الخاص الى التغلب على المعوقات التي تواجه هذا القطاع والعمل على زيادة نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي اضافة الى توفير فرص عمل جديدة للمواطنين من خلال فك التداخل في الاختصاصات وتفعيل مبدأ النافذة الواحدة والسعي الى تبسيط الاجراءات وتقليل الدورة المستندية وتفعيل انجاز الاعمال الكترونيا.
   ويتبنى هذا البرنامج مشروعات محورية في عملية التنمية سواء المسند منها الى القطاع الخاص او ما سينفذ بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص وذلك من خلال تأسيس الشركات المساهمة العامة اضافة الى تبسيط اجراءات اصدار التراخيص اللازمة للمستثمر المحلي والاجنبي وتوفير بوابة الكترونية موحدة لخدمات قطاع الاعمال والاستثمار.
   ويشارك في هذا البرنامج عدد من الجهات والمؤسسات هي وزارة التجارة والصناعة بمشروع ميكنة خدمات التراخيص التجارية والهيئة العامة للصناعة بمشروع انشاء وانجاز وتشغيل وصيانة البنية الاساسية لمنطقة الشدادية الصناعية وهيئة تشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر بمشروع التوسع في انشاء وتطوير المناطق الحرة في البلاد.
   اما برنامج تنويع القاعدة الانتاجية وزيادة معدلات الاستثمار فانه يهدف الى زيادة نسبة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي وتخفيض الاعتماد على القطاع النفطي بغية تنويع مصادر الدخل ويشارك في اعداد هذا البرنامج جهتان هما (برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة) و (مؤسسة البترول الكويتيتة).
   ويشارك (برنامج اعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة) بمشروع انشاء حاضنة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والذي يسعى الى زيادة مساهمة قوة العمل الوطنية بالقطاع الخاص اما (مؤسسة البترول الكويتية) فتشارك بعدد من المشروعات الهامة منها مشروع الوقود البيئي والذي يسعى الى تحسين اداء مصافي الشركة وتحسين المعايير البيئية لها اضافة الى مشروع مجمع التكرير المتكامل الذي يلبي متطلبات السوق المستقبلية المتنوعة وفقا للمواصفات العالمية للمنتجات البترولية.
   ويضم مشروع مجمع التكرير المتكامل عددا من المشروعات هي مشروع الاوليفينات الثالث والعطريات الثاني المتكامل مع مصفاة الزور والذي تسعى الشركة من خلاله الى تعزيز مكانة صناعة البتروكيماويات الوطنية في المنطقة اضافة الى تنويع منتجات الشركة بمنتجات متخصصة.
   ونظرا لاهمية القطاع السياحي كاحد مصادر تنويع الدخل فقد تم تخصيص برنامج خاص يعنى بتطوير السياحة الوطنية حيث يستهدف تشجيع الاستثمارات في الانشطة السياحية بمختلف مناطق البلاد والاستغلال الامثل للمرافق والخدمات السياحية في تطوير القطاع السياحي وزيادة قدرته التنافسية.
   وتساهم في برنامج تطوير السياحة الوطنية وزارة الاعلام الكويتية عبر تنفيذ مشروع التسويق السياحي لدولة الكويت والذي يسعى الى زيادة معدلات نمو القطاع التجاري والسياحي ليصبح رافدا مهما ومصدرا لتعزيز الدخل الوطني.
   ومن البرامج المهمة التي تتضمنها الركيزة برنامج الاقتصاد المعرفي الذي يهدف الى زيادة الميزة التنافسية للمنتجات الوطنية لعرضها في الاسواق العالمية وزيادة الصادرات غير النفطية وزيادة الايرادات العامة غير النفطية.
   كما يهدف برنامج الاقتصاد المعرفي الى تشجيع الصناعات المعرفية ذات التقنية المتطورة وتسويقها للقطاع الصناعي وبناء القدرات والخبرات اللازمة لتنفيذ برامج البحث العلمي بما في ذلك انشاء مركز ابحاث عالمي للبترول ودعم جهود اشراك القطاع الخاص في تطوير المناهج والتخصصات العلمية والبرامج البحثية في مؤسسات التعليم العالمي وتطوير استراتيجية وطنية للبحث العملي والابتكار.
   وتشارك في تنفيذ تلك الاهداف جامعة الكويت عبر مشروع توظيف مخرجات البحث العلمي والاستفادة منها وتسويقها وذلك بغية تلبية هذه المخرجات لاحتياجات التنمية وتسويق الابحاث العلمية محليا ودوليا.
   كما يشارك في تنفيذ اهداف برنامج الاقتصاد المعرفي معهد الكويت للابحاث العلمية عبر تنفيذ مشروع مختبرات شركة (آي.بي.إم) العالمية في الكويت وذلك لرفع مستوى جودة البحوث ونتائجها على المستويات العالمية من خلال تأسيس مختبر (أي.بي.إم) العالمي في الكويت بغية تحسين الخدمات المعلوماتية في البلاد وتلبية مخرجات البحث العلمي لاحتياجات التنمية.
   فيما ساهمت الامانة العامة للمجلس الاعلى للتخطيط والتنمية في هذا البرنامج عبر تأسيسها للمركز الوطني للاقتصاد المعرفي الذي يهدف الى تعزيز البنى المعرفية في القطاع العام ورفع المستوى المؤسسي والمجتمعي وابراز اهمية استغلال المعرفة اقتصاديا وتنمويا وتعليميا اضافة الى ايجاد سبل من شأنها العمل على تطوير عمل الحكومة لوظائفها عبر اجهزتها ومؤسساتها على نحو يعزز الانتاجية والفاعلية.
   اما البرنامج الخامس والاخير الذي تتضمنه الركيزة فهو برنامج الاصلاح المالي والاقتصادي للدولة والذي يستهدف زيادة كفاءة وفاعلية القطاع العام عبر ترشيد الانفاق الجاري وزيادة فاعلية الانفاق الاستثماري من خلال اختيار المشروعات ذات الاثر التنموي المرتفع اضافة الى زيادة الايرادات العامة عبر تطوير النظام الضريبي ومراجعة وترشيد اوجه الدعم الحالية واعادة هيكلتها.
   وعبر تنفيذ اهداف وبرامج ومشروعات ركيزة الاقتصاد المتنوع المستدام سيشعر المواطن بالاثر التنموي لها بعد الانتهاء منها من خلال توفيرها فرص العمل وزيادتها للناتج المحلي الاجمالي وتحسينها لمستوى الخدمات المقدمة ودعمها لاستقرار الموازنة العامة للدولة اضافة الى تحسينها ترتيب الكويت في مستوى المؤشرات الدولية بما يسهم في تعزيز مكانتها الدولية. (النهاية)

   خ م / ا ع س