A+ A-

قرية (الشيخ صباح الأحمد) في مخيم الزعتري نموذج إغاثي متكامل للاجئين السوريين

مجموعة من الطلبة والمدرسات في مدرسة الشيخ صباح الاحمد
مجموعة من الطلبة والمدرسات في مدرسة الشيخ صباح الاحمد

من محمود بوشهري

عمان - 28 - 10 (كونا) -- شرعت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية الكويتية بتكليف مباشر من سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه في تنفيذ مشاريع إغاثية تخفف المعاناة الإنسانية عن اللاجئين في المناطق المستضيفة لهم ومنها الأردن.
واختارت الهيئة إقامة مشروع متكامل في أهم مخيم للاجئين السوريين بالمنطقة وهو مخيم (الزعتري) بالأردن ويحمل اسم سمو أمير البلاد وذلك بهدف إيواء الأسر وتوفير الرعاية الطبية والتعليمية والاجتماعية لهم بعد نزوحهم من سوريا.
لذلك جاء إنشاء قرية (الشيخ صباح الأحمد) النموذجية قبل أكثر من عامين والتي تضم ألف وحدة سكنية ومسجدا ومدرستين ومركزا صحيا بهدف دعم الأفراد والأسر وتوفير المأوى والعلاج والتأمين الصحي وباقي الحاجات الأساسية لهم.
وتعد خطوة إنشاء القرية بحسب مسؤولين أمميين من "أنجح المحاولات" في الاستجابة الفورية لاحتياجات اللاجئين السوريين المادية والاجتماعية والإنسانية بالمخيم الذي يعيش فيه أكثر من 80 ألف نسمة وتشرف عليه الحكومة الأردنية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة ووكالات الغوث العالمية.
وبلغت التكلفة الإجمالية لإنشاء أولى مراحل القرية نحو خمسة ملايين دولار أمريكي وهي قيمة المكرمة الأميرية لشراء الوحدات السكنية (كرفانات مسبقة الصنع) وباقي الملحقات وفقا لتقرير صادر عن الهيئة حول مشروع القرية حصلت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) على نسخة منه.
وبحسب التقرير تبلغ مساحة الوحدة السكنية الواحدة 21 مترا مربعا فيما تبلغ مساحة المسجد 620 مترا مربعا وتشمل أماكن الوضوء ودورات المياه وغرفة للامام فضلا عن صحن المسجد الذي يضم مختلف التجهيزات من فرش السجاد والنظام الصوتي والمكتبة ووحدات التكييف.
وتبلغ مساحة كل مدرسة من المدرستين الملحقتين ضمن القرية 1240 مترا مربعا وتضم الواحدة منهما عشر غرف دراسية مجهزة لاستيعاب ما لا يقل عن 800 طالب وطالبة ودورات مياه وصالة طعام وغرفة مدرسين ووحدة صحية فضلا عن مختلف التجهيزات من الألواح الدراسية والأثاث والأرضيات وغيرها.
أما مشروع المركز الطبي فتبلغ مساحته 310 أمتار مربعة بطاقة استيعابية تصل الى 250 حالة يوميا ويضم غرف الفحص والمختبر والطوارئ وغرفة الأشعة وغرفة الأسنان وغرفة انتظار ونظام وحدات التكييف في وقت يضم مختلف التجهيزات من أثاث وأجهزة أسنان وتحليل الدم والسونار والأسرة الطبية وغيرها.
ومن خلال الرعاية السامية التي حظيت بها قضية اللاجئين السوريين في المنطقة والمبادرات التي أطلقها سمو أمير البلاد (قائد العمل الإنساني) لتخفيف المعاناة الإنسانية عن اللاجئين نفذت الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية في العام الماضي المرحلة الثانية من مشروع القرية والذي يضم ألف وحدة سكنية إضافية ومدرستين ومسجدا ومركزا صحيا (للأمومة والطفولة) بالتكلفة ذاتها أي نحو خمسة ملايين دولار.
وبحسب تقرير الهيئة تتميز المساكن (كرفانات) بقابليتها للفك والتركيب حيث بمقدور أرباب المساكن من الأشقاء السوريين ممن تهدمت منازلهم في سوريا نتيجة الحرب نقل مساكنهم الحالية من المخيم بعد ان يعود الاستقرار الى بلادهم وتنتهي الازمة فيها.
أما مباني المرافق الملحقة فتتميز بأنها مصنوعة من مواد ذات جودة ودرجة تحمل عاليتين كما أنها مصممة لتصلها الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية معا.
ولتسليط الضوء أكثر على طبيعة الحياة في المخيم وأهمية القرية الكويتية التقت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) عددا من المعنيين ومنهم منسق مخيم الزعتري التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هوفيك آيتيمزيان الذي قال إن جهود دولة الكويت "مميزة ومقدرة" في تأمين الاحتياجات الاساسية للاجئين السوريين في مخيم الزعتري.
وذكر آيتيمزيان أن القرية الكويتية توفر "الخدمة الافضل والبيئة الآمنة" للعمل داخل المخيم بما يضمن كرامة اللاجئ ويليق بمستوى الاستقبال الذي قدمه الاردن للاجئين.
من جانبه أكد ممثل منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة والأمومة (يونيسف) في الأردن روبرت جنكنز أهمية المساندة الكويتية الكريمة المستمرة للمنظمة ودورها في توفير الدعم الانساني المناسب للأطفال من أبناء اللاجئين السوريين.
وأعرب جنكنز عن التطلع لاستمرار التعاون والتنسيق المتبادل بين المفوضية السامية و(يونيسف) من جهة وحكومة دولة الكويت والهيئة الخيرية الاسلامية خدمة للانسانية ولتخفيف حدة اللجوء في المنطقة.
وثمن أيضا مبادرة الهيئة بإنشاء قرية (الشيخ صباح الأحمد) بمساكنها وملاحقها النموذجية من مدارس ومراكز طبية الأمر الذي ساعد المنظمة وسهل عليها تنفيذ مشاريعها وبرامجها الإنسانية للاجئين.
بدوره قال المدير العام السابق لمخيم الزعتري للاجئين السوريين في الأردن العقيد عبد الرحمن العموش إن دولة الكويت أحد أهم وأبرز الداعمين للأوضاع الإنسانية للاجئين السوريين في المخيم والمنطقة.
وأضاف العموش أن المخيم الواقع ضمن مساحة تبلغ 15 كيلومترا مربعا ويعيش فيه أكثر من 80 ألف لاجئ سوري أنشئ بطريقة بدائية عام 2012 قبل أن يتم تحديثه ووضع أكثر من 26 ألف وحدة سكنية (كرفان) فيه بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركائها من الدول المانحة وفي مقدمتها دولة الكويت.
وأكد أهمية المشاريع الإغاثية الكويتية لاسيما المراكز الصحية للأمومة والطفولة نظرا لارتفاع معدل الإنجاب في المخيم والذي يتراوح بين خمسة وثمانية أطفال يوميا حيث شهد المخيم ولادة 49 ألف طفل سوري منذ إنشائه.
أما مدير إدارة تربية البادية الشمالية الغربية في الأردن صايل الخريشة فأشاد بالدور الكويتي في تأمين احتياجات الطلبة بالمخيم وتوفير الدعم اللازم لهم من خلال إنشاء المدارس وتوفير مستلزمات الدراسة.
وكشف الخريشة عن أن عدد الطلبة في المخيم يتجاوز 22 ألف طالب وطالبة من مختلف الأعمار مشيرا إلى أن المدارس الكويتية الأربع خصصت للمراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية للبنين والبنات وتعمل على فترتين صباحية ومسائية لاستيعاب أكبر قدر من الطلبة.
كما تحدثت مديرة مدرسة (الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح – 2) سكينة الشديفات فقالت ان المدرسة الكويتية ساهمت في حل معضلة رئيسية لكثير من الطلاب والطالبات تمثلت في بعد المسافة بين مساكنهم والمدارس التي كانوا يرتادونها حيث تخدم المدرسة التي افتتحت في سبتمبر من عام 2015 المنطقة المحيطة بها والتي تضم أكثر من 1200 طالب وطالبة.
واضافت الشديفات ان المدرسة الكويتية تضم 12 فصلا بمعدل استيعابي يبلغ 40 طالبا وطالبة لكل فصل اضافة الى المكاتب الادارية ومرافق اخرى لافتة الى انها تعتبر من المدارس النموذجية "لكن مع اكتظاظها بالطلبة والمعلمين ظهرت بعض الاحتياجات التي ينبغي تلبيتها لضمان سير العملية التعليمية بكفاءة وأبرزها مكاتب وفصول إضافية".
ولم يقتصر الدعم الكويتي في المخيم على إنشاء القرية النموذجية فحسب بل شمل جوانب أخرى منها دعم برنامج الأغذية العالمي بمبلغ 18 مليون دولار أمريكي لتطوير نظام توزيع الأغذية داخل المخيم.
وللكويت كذلك دور في دعم قطاع المياه والصرف الصحي داخل المخيم عبر تمويل إنشاء بئر ارتوازية تخدم نسبة كبيرة من اهالي المخيم بالتعاون مع منظمة (يونيسف) حيث يقول المسؤول في قسم المياه والصرف الصحي في (يونيسف) أحمد الطراونة ان الكويت مولت جزءا من مشاريع المياه والصرف الصحي داخل المخيم الذي يحتاج الى 3500 متر مكعب من مياه الشرب يوميا لتوزيعها على السكان بمعدل 35 ليترا من المياه لكل شخص.
واوضح الطراونة ان مشروع (البئر الثانية) ممول من الكويت من أصل ثلاث آبار وتتفاوت مراحل عمل البئر ذات عمق 400 متر بين تخزين المياه ونقلها عبر صهاريج وتنقية المياه العادمة.
واشار الى ان (يونيسف) تعمل حاليا مع شركائها لتخصيص جزء من التمويل الكويتي المقدم لإنشاء شبكة مياه وصرف صحي معربا عن الشكر والتقدير لجهود الكويت في دعم مشاريع المنظمة وتوفير احتياجات اللاجئين الاساسية.
وامتد الدعم الكويتي لمشاريع أخرى في المخيم منها مشروع مراكز (مكاني) التربوية التابعة ل(يونيسف) والتي توفر التعليم البديل (غير الرسمي) والدعم النفسي والاجتماعي والمهارات الحياتية عبر الرياضة والتعليم في المخيم بهدف دعم الأطفال السوريين المستضعفين ممن هم خارج مقاعد الدراسة لظروف الحرب وتتراوح أعمارهم بين ستة و18 عاما من خلال نهج مبتكر.
وفي هذا الصدد قال المسؤول الميداني لمركز (مكاني) التربوي التابع لمنظمة (يونيسف) سامي بني خالد ان المنظمة خصصت جزءا من تمويل الكويت لدعم مراكز (مكاني) في مخيم الزعتري والبالغ عددها 21 مركزا.
وأفاد بني خالد بأن المركز يوفر دورات تدريبية وتطبيقية للأطفال الراغبين في العمل ممن يرفضون هم او اولياء امورهم الالتحاق بالمدارس مثل دورات الحلاقة والكهرباء وصيانة الهواتف والخياطة موضحا ان هذه الدورات ومدتها شهرين ونصف تقريبا مخصصة للأعمار بين 15 و18 عاما.
وتعد منظمة (يونيسف) إحدى أكثر منظمات الغوث فاعلية في المخيم نظرا للمهام التي تشرف عليها من تعليم وصحة ومياه ونظافة وغيرها من المجالات الحياتية التي تمس اللاجئين بصفة مباشرة.
وفي إحصائية للمنظمة قدمت الكويت منحا مالية لبرامج (يونيسف) المختلفة في العالم قيمتها نحو 5ر134 مليون دولار خلال عامي 2013 و2015 لتكون بذلك من بين خمس دول كبرى داعمة لبرامج ومشاريع المنظمة.
وتعتزم الكويت عبر الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية افتتاح أكثر من قرية نموذجية للاجئين السوريين في الأردن وبسعة تصل إلى ألف وحدة سكنية (كرفان متنقل) لكل قرية بالإضافة إلى مرافقها الخدمية من مدارس ومساجد ومستوصفات (مراكز طبية).