A+ A-

ملامح بناء الدولة الحديثة في سيرة الفقيد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني

الدوحة - 25 - 10 (كونا) -- على مدى نحو ربع قرن من الزمان استطاع المغفور له بإذن الله الامير الاب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني إبان فترة حكمه للبلاد ما بين عامي 1972 و1995 ببصيرته النافذة وبعزم الرجال المخلصين في قطر ان ينقل الدولة إلى مصاف الدول القوية ذات القرار المستقل الطامحة نحو مستقبل افضل.
وذكر تقرير لوكالة الانباء القطرية ان الفقيد ارسى دعائم تلك الدولة حين وضع لبنات نظامها الدستوري والاداري والسياسي القائم على العلم والعمل وسيادة واستقلالية القرار.
وفي يوم 22 فبراير من عام 1972 تولى الامير الاب مقاليد الحكم في البلاد فشرع في عملية إعادة تنظيم الحكومة وكان أول عمل قام به في هذا الاتجاه هو تعيين اول وزير للخارجية وتولى ذلك المنصب وقتها الشيخ سحيم بن حمد آل ثاني يوم 23 فبراير 1972. وفي 19 أبريل عام 1972 امر الشيخ خليفة بتعديل الدستور الموضوع في عام 1970 والذي نص في تعديله على أن "قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة دينها الإسلام والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي لتشريعها ونظامها ديمقراطي ولغتها الرسمية هي اللغة العربية وشعب قطر جزء من الأمة العربية".
ونصت المادة الثانية من الدستور على أن "دولة قطر عاصمتها مدينة الدوحة وتمارس الدولة سيادتها على جميع الأراضي والمياه الإقليمية الواقعة داخل حدودها الدولية ولا يجوز لها أن تتنازل عن سيادتها أو أن تتخلى عن أي جزء من أراضيها أو مياهها" فيما نصت المادة الثالثة على "يحدد القانون علم الدولة وشعارها وأوسمتها وشاراتها ونشيدها الوطني".
ونص التعديل كذلك على "احياء وتفعيل مجلس الشورى وتنظيم انتخاب اعضائه" كما تضمن التعديل "زيادة عدد الوزراء" كما اقر الدستور المعدل لأول مرة حرية الصحافة والنشر.
وحددت السياسة الخارجية الواردة في ظل الدستور المعدل لعام 1972 ملامح وأهداف السياسة القطرية الحديثة والتي تهدف إلى "توثيق أواصر الصداقة مع جميع الدول والشعوب الإسلامية خاصة والدول والشعوب المحبة للسلام عامة على أساس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الخارجية".
وهدفت كذلك الى "اعتناق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تهدف إلى تدعيم حق الشعوب في تقرير مصيرها وإنماء التعاون الدولي لخير البشرية جمعاء وإشاعة السلام والأمن في أرجاء العالم والتزام الدول بفض خلافاتها بالطرق السلمية وإقامة علاقاتها فيما بينها على أساس العدالة والمساواة في ظل أحكام القانون الدولي".
وإعمالا للدستور المعدل الذي نص في مادته الثامنة على أن "التعليم دعامة أساسية من دعائم رقي المجتمع ورفاهيته وهو حق لكل مواطن وتسعى الدولة لتحقيق إلزامية التعليم العام ومجانيته في كل المراحل" فقد تم انشاء جامعة قطر عام 1973 وكان تأسيس الجامعة من أبرز مظاهر التنمية والبناء في الدولة في مرحلة ما بعد اعلان الاستقلال، حيث بدأت مسيرة التعليم الجامعي في قطر لتلبية متطلبات التنمية لكي تصبح في عام 1977 جامعة متكاملة تضم كافة التخصصات وصدر القانون الخاص بها.
وإيمانا منه بأن التعليم هو عماد بناء الدول فقد أولى المغفور له البعثات الدراسية للخارج عناية خاصة وأصدر بشأنها القرارات التي تنظمها في عام 1976 والتي تهدف إلى القيام بدراسات علمية أو فنية أو عملية أو الحصول على مؤهل علمي أو كسب مران عملي وذلك لسد أي نقص أو حاجة تقتضيها المصلحة العامة سواء للطلبة أو الموظفين لاكتساب المهارات اللازمة ونقل الخبرات من الخارج إلى داخل دولة قطر.
وعمل المغفور له على تنظيم الهيكل الإداري الداخلي للدولة من خلال حزمة من القرارات فور توليه مقاليد الحكم ففي عام 1972 صدر القانون رقم (19) بإنشاء البلديات الجديدة وبموجبه تم تقسيم قطر إداريا إلى خمس بلديات هي الريان والوكرة والخور والذخيرة وام صلال ومدينة الشمال ثم تمت اضافة بلدية مسيعيد عام 1990.
وفي العام الاول لحكم المغفور له أنشئت وزارتا البلدية والإعلام وشركة قطر للبترول ونال المواطن القطري العديد من المزايا في الأجور والإسكان وغيرها وفي العام الذي يليه ظهرت ملامح الإصلاح الإداري بإنشاء مؤسسة النقد القطري (بنك قطر المركزي) وديوان المحاسبة والجمعيات التعاونية وإدارة الطيران المدني.
وتماشيا مع الدولة الحديثة التي وضع المغفور له لبناتها شهد عام 1975 صدور القرار 94 بإنشاء وكالة الأنباء القطرية (قنا) كواجهة إعلامية للدولة تتولى مسؤولية بث وإذاعة الأخبار الرسمية وتكون نافذة لقطر الحديثة على العالم.
ولأن التنمية تحتاج إلى جيش قوي وفاعل يحمي الأرض ومقدرات الشعب فقد شهد عهد الأمير الأب إنشاء وزارة الدفاع بموجب القرار الأميري رقم 2 لسنة 1977 وتولى الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني منصب أول وزير للدفاع في قطر والقائد العام للقوات المسلحة.
وتماشيا مع التوسع في الوظائف الإدارية للدولة أعيد تكوين مجلس الشورى في 1990 وتم تعيين 19 عضوا واحتفظ 11 عضوا سابقون بعضويتهم إضافة إلى ذلك تم تنظيم عمل ديوان المحاسبة للتدقيق في كل من أداء الأجهزة الحكومية وذلك وفقا للموازنة وفي الإدارة المالية ومع توسع مهام الحكومة وخدماتها أعيد تنظيم ديوان الخدمة المدنية.
وشهد عام 1980 قفزة نوعية في قطر بسبب زيادة أعداد الوافدين وتطور الجهاز الإداري للدولة الذي استلزم تعدد ألوان التعليم المقدم إلى الطلبة من القطريين والمقيمين ومن هنا كانت الحاجة إلى قرارات تنظم لأول مرة عمل المدارس الخاصة على أرض دولة قطر بتاريخ 6 يوليو من عام 1980 والذي حدد طبيعة المدارس الخاصة ولائحتها الإدارية والتنفيذية.
وتواكب ذلك التطور مع وضع قطر الجديد كدولة جاذبة للزوار من مختلف أنحاء العالم الأمر الذي دعا المغفور له الى إصدار القرار الأميري بإنشاء أول لجنة عليا للسياحة في قطر لكي تختص هذه اللجنة بدراسة سبل تطوير وتنشيط السياحة في دولة قطر واقتراح السياسات والأنظمة التي يتعين اتخاذها لهذا الغرض وإعداد برامج تنمية وتنشيط السياحة في البلاد واقتراح التشريعات اللازمة لتيسير وتشجيع حركة السياحة.
ومنذ ذلك التاريخ وعلى مدار 15 عاما وحتى عام 1995 أصدر المغفور له عشرات القرارات الأميرية والقوانين التي تنظم العمل في البلاد ووضع المواطن والمقيم على أرض دولة قطر في بؤرة الاهتمام الحكومي عبر تأسيس المراكز الصحية ولجنة العلاج بالخارج وتيسير الخدمات الممنوحة للمواطن القطري بهدف تحقيق الرفاه الاجتماعي.
وشهد عهد المغفور له بإذن الله جملة من القرارات التصحيحية لأوضاع الهياكل الإدارية بالدولة لكي تقوم بواجبها على الوجه الأكمل خاصة في القطاعات الخدمية (الكهرباء والبريد والصحة والتعليم) إضافة إلى حرصه على ضبط الأسواق وتطبيق سياسة تسعير صارمة لمنع التلاعب في السلع الأساسية. (النهاية) ن ن د / ط م ا