A+ A-

باريس تحتضن المنتدى الاقتصادي الخليجي الفرنسي الثالث وسط تفاؤل بتعزيز التبادل التجاري

من مشاعل بشير

باريس - 18 - 10 (كونا) -- تحتضن العاصمة الفرنسية غدا الاربعاء المنتدى الاقتصادي الخليجي الفرنسي الثالث لبحث افاق التعاون والعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين فرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي وسط تفاؤل بتعزيز التبادل التجاري بين الطرفين الذي بلغ 18 مليار يورو في عام 2015.
ويبحث المشاركون في المنتدى الذي سيقام في مقر غرفة التجارة العربية الفرنسية في باريس ليوم واحد الاستثمار والتبادل التجاري بين فرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي الى جانب ورشتي عمل الاولى بعنوان (دور الصناديق السيادية والمنظمات والمؤسسات التمويلية في تمويل المشاريع المشتركة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة) والثانية (التعاون الخليجي الفرنسي في قطاع الرعاية الصحية والمستحضرات الطبية).
وترتبط فرنسا بعلاقات اقتصادية قوية ووثيقة مع الدول الخليجية كونها محركا اقتصاديا مهما على المستوى الاقليمي والدولي حيث تمتلك 40 في المئة من احتياطي البترول العالمي وتنتج 30 في المئة من البترول المستهلك يوميا في العالم بالاضافة إلى معدلات النمو المسجلة سنويا والتي تتفوق على المعدلات التي تسجلها دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وتعتبر غرفة التجارة العربية الفرنسية دول مجلس التعاون الخليجي " أداة تنمية لا يستهان بها بالنسبة للمؤسسات الفرنسية" مشيرة الى ان حجم الصادرات الفرنسية إلى الدول الخليجية "سجلت تحسنا" بنسبة 17 في المئة لسنة 2015 بلغ 18 مليار يورو "مع فائض لصالح فرنسا بقيمة تتجاوز اربعة مليارات يورو".
وعلى الرغم من تأثر التبادل التجاري الفرنسي الخليجي بتراجع اسعار النفط خلال العام الماضي مقارنة بعام 2014 الا ان باريس تسعى لتعزيز حضورها في الاسواق الخليجية ورفع مستوى التعاون في مختلف القطاعات لاسيما البنى التحتية حيث تتوجه الانظار الى مشروع بناء شبكة سكك حديدية يتجاوز طولها الألفي كيلومتر منها 300 كيلومتر تتقاطع مع سكك حديد دول مجلس التعاون وتقدر تكلفته الإجمالية بزهاء 12 مليار يورو ويشكل فرصة جيدة للمنشآت الفرنسية في هذا القطاع.
وفي سياق العلاقات الفرنسية الكويتية الاقتصادية اكدت وزارة الخارجية الفرنسية ان المبادلات التجارية الثنائية في ارتفاع مستمر وقد وصلت نسبتها 31 في المئة سنويا في عام 2015 لتصل الى 7ر1 مليار يورو مقارنة ب3ر1 مليار يورو في 2014 ما ساهم في تحويل العجز في الميزان التجاري لعام 2014 الذي سجل 257 مليون يورو الى "فائض مريح" بقيمة 510 ملايين يورو.
ويأتي هذا النمو مدعوما بعمليات بيع الطائرات ومواد النقل التي سجلت 733 مليون يورو خلال العام الماضي مقارنة ب114 مليون يورو في عام 2014 وتسليم الدفعة الثانية من طائرات (ايرباص) ايضا في 2015 في اطار اتفاقية وقعت في 2013 بقيمة 3ر1 مليار يورو وبذلك تحتل فرنسا المرتبة العاشرة من بين الدول المصدرة للكويت منذ عام 2014 بعد ألمانيا وكوريا الجنوبية متقدمة على الهند وإيطاليا.
وتحتل فرنسا المرتبة ال13 في قائمة الدول المستوردة للنفط من دولة الكويت والذي يشكل 97 في المئة من الصادرات الكويتية الى باريس وفقا لصندوق النقد الدولي وهذا ما ادى الى انخفاض الواردات بصورة ملحوظة في عام 2015 حيث بلغت 604 ملايين يورو مقارنة ب754 مليون يورو في عام 2014 اي تراجعت بنسبة 20 في المئة جراء الازمة الراهنة في أسعار النفط الخام العالمية.
وعلى الرغم من تراجع الحصة الفرنسية في السوق الكويتية في العقد الاول من القرن ال21 إلا أنها استقرت على نسبة ثلاثة في المئة منذ عام 2014 مقارنة بمعدل 3ر6 في المئة لعام 1994 في الوقت الذي ترغب فرنسا الى توسيع حصتها السوقية في الكويت كونها "سوقا مثيرة للاهتمام ووضعها المالي سليم" لاسيما في مجالي البنى التحتية والتجهيزات الصناعية.
وبالانتقال الى العلاقات السعودية الفرنسية الاقتصادية التي شهدت نموا ملحوظا في الاونة الاخيرة لاسيما ان التوتر السياسي القائم في المنطقة منذ عام 2011 ساعد في تعزيز باريس من وارداتها النفطية السعودية للتعويض عن انقطاع الواردات الليبية والارتفاع البطيء في صادرات العراق الى جانب بلوغ عجز الميزان التجاري الفرنسي 6ر2 مليار يورو في عام 2013.
وعلى الرغم من تراجع التبادل التجاري بين فرنسا والسعودية في عام 2015 حيث بلغ نحو ثمانية مليارات يورو مقارنة بحوالي 12 مليار يورو في 2014 الا ان المملكة ما تزال الشريك التجاري الاول لفرنسا في الخليج والثاني على مستوى دول الشرق الاوسط كما كشفت الهيئة العامة للاحصاء السعودية ان باريس هي "ثامن اهم شريك تجاري" للمملكة لعام 2015 حيث شكلت المبادلات التجارية الثنائية نسبة 6ر2 في المئة من اجمالي علاقات المملكة مع العالم.
واحتلت فرنسا المرتبة ال10 للدول المستوردة من السعودية في عام 2015 حيث بلغت قيمة صادرات المملكة نحو اربعة مليارات يورو في حين بلغت الواردات الفرنسية حوالي خمسة مليارات يورو العام الماضي كما تمثل قطاعات النفطية والبنى التحتية والطاقة النووية للأغراض السلمية والدفاع أهم مجالات التعاون بين البلدين.
وفيما تتبوأ السعودية اهم شريك تجاري لفرنسا فإن الامارات العربية المتحدة تعتبر " السوق التجارية الرئيسية لفرنسا في الخليج" حيث احتلت الاخيرة المرتبة الرابعة في قائمة الدول التي عززت الفائض التجاري الفرنسي لعام 2015 وتاتي في المركز الثاني بعد المملكة في قائمة الشركاء التجاريين في الخليج .

واستوعبت سوق الإمارات 7ر30 في المئة من المبيعات الفرنسية في الخليج العام الماضي مسجلة تراجعا سنويا طفيفا بلغ سبعة في المئة مقارنة ب7ر37 في المئة عام 2014 في حين بلغت قيمة الصادرات الفرنسية إلى الإمارات 8ر3 مليار يورو في عام 2015 مقابل 09ر1 مليار يورو واردات اماراتية في العام ذاته.
ومن اهم الصادرات الفرنسية الى الامارات في العام الماضي تتصدر السلع الاستهلاكية باستثناء الأغذية الزراعية القائمة بنسبة 2ر30 في المئة تليها سلع الانتاج بنسبة 5ر29 في المئة ثم معدات النقل 14ر5 في المئة التي لوحظ تراجعها بنسبة 4ر52 في المئة في عام 2014 حيث بلغت 5ر28 في المئة.
ولم تكن معدات النقل الفرنسية الصادرات الوحيدة المتراجعة الى الامارات حيث تراجعت طلبيات (ايرباص) بنسبة 57 في المئة العام الماضي الى 441 مليون يورو بعدما سجلت ارتفاعا بمعدل 35 في المئة في 2014.
وتحتل المنتجات النفطية الاماراتية المركز الاول في قائمة صادراتها الى فرنسا لعام 2015 بنسبة 74 في المئة لتصل الى 5ر808 مليون يورو مرتفعة بنسبة 5ر11 في المئة عن 2014 وياتي بعدها الألمنيوم ب99 مليون يورو.
الا ان اللافت في العلاقات الفرنسية الاماراتية الاقتصادية هو الاستثمارات الاماراتية التي تصل الى 40 في المئة من الاستثمار الأجنبي المباشر من الشرق الأوسط حيث بلغ مخزون الاستثمارات الأجنبية الإماراتية المباشرة 9ر4 مليار يورو في عام 2013 مسجلا ارتفاعا حادا مقارنة ب6ر1 مليار يورو عام 2012 وتشكل الأوراق المالية والعقارات الفرنسية إما بالاستثمار المباشر أو بواسطة صناديق الاستثمار غالبية الاستثمارات الاماراتية.
وتدخل دولة قطر على خط السباق للشركاء التجاريين لفرنسا حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بنحو ملياري يورو في عام 2015 مقارنة بحدود مليار يورو في عام 2010 وسط تفاؤل بأن تبلغ الصادرات الفرنسية في نهاية العام أعلى مستوى لها منذ عشرة أعوام مدعومة بارتفاع نسبته 300 في المئة من تلك الصادرات في الأشهر الثمانية الأولى لعام 2015 حيث بلغت 58ر1 مليار يورو منها 463 مليون يورو صادرات في غير الصناعات الجوية كالسلع الاستهلاكية.
وسجلت الاستثمارات الفرنسية المباشرة في قطر ارتفاعا ملحوظا في السنوات الماضية لاسيما في قطاعات الصناعات الجوية ومعالجة المياه والإنشاء والأسلحة.
وبلغ إجمالي عدد الشركات الفرنسية العاملة في دولة قطر294 شركة من بينها 66 شركة بملكية فرنسية بنسبة 100 في المئة و 228 شركة أقيمت بالشراكة مع الجانب القطري.
وفي المقابل تعد فرنسا وجهة استثمارية مهمة وواسعة الافق لقطر لاسيما في ملكية الأسهم للشركات الفرنسية ابرزها نادي كرة القدم (باريس سان جيرمان) الى جانب العقارات والفنادق.
وشهد عام 2015 تأسيس الرابطة الاقتصادية القطرية الفرنسية (كادران) بهدف تعزيز العلاقات التجارية والعمل باتجاه توضيح أهداف الاستثمارات القطرية في الوسط الفرنسي بوصفها شريكا طويل المدى وليس مجرد مستثمر مضارب وتسهيل تواصل رجال الأعمال القطريين في القطاعين العام والخاص مع نظرائهم الفرنسيين.
أما في اطار العلاقات الفرنسية البحرينية التجارية فانها تعتمد بشكل كبير على صادرات الطائرات من شركة (ايرباص) ففي عام 2014 سجلت الصادرات الفرنسية الى البحرين ارتفاعا بنسبة 70 في المئة مقارنة بعام 2013 اثر تسليم طائرتي (ايرباص ايه321 ) بقيمة 111 مليون يورو ما شكل محفزا للصادرات بلغ 235 مليون يورو وسط توقعات باستمرار النمو التجاري بين البلدين غداة تجديد أسطول طيران الخليج في يناير2016 حيث قدم طلب لشراء 29 طائرة.
وفي ابريل الماضي كشف مجلس التنمية الاقتصادية البحريني ان حجم التبادل التجاري مع فرنسا لعام 2015 بلغ نحو 240 مليون يورو بعدما كانت تقدر بحدود 180 مليون يورو في 2012 فيما يتصدر النفط المكرر والألمنيوم معظم الصادرات البحرينية الى فرنسا.
وتحتضن المملكة 71 شركة تتمتع بعلاقات شراكة فرنسية إلى جانب الشركات الفرنسية المتخصصة في عدد من القطاعات الفرعية التي تشمل صناعة الألمنيوم والخدمات المصرفية وخدمات الفندقة والضيافة.
وحول العلاقات التجارية بين باريس ومسقط فان المبادلات التجارية لم تتجاوز 700 مليون يورو خلال العقد الاخير رغم ارتفاع حجم المبادلات في عام 2013 الى 5ر584 مليون يورو الا انه استقر في عام 2015 عند 518 مليون يورو.
وباستثناء الطائرات تبقى الواردات الفرنسية من عمان ضئيلة للغاية فيما تتركز المنشآت الفرنسية في السلطنة في قطاعات الطاقة والمياه والبيئة والبنى التحتية. (النهاية) م م ب / س ع م