A+ A-

ندوة (الهوية الخليجية) تناقش تعزيز الهوية اجتماعيا والوحدة الوطنية من المنظور الاسلامي

الكويت - 19 - 9 (كونا) -- ناقشت الندوة الفكرية (تعزيز الهوية الوطنية الخليجية) في جلستيها الثانية والثالثة اليوم الاثنين دور المؤسسات الاجتماعية في تعزيز مفاهيم الهوية الوطنية وقيم المواطنة في دول الخليج العربي والوحدة الوطنية من المنظور الاسلامي.
وتضمنت الجلسة الثانية من الندوة التي ينظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي بالتعاون مع الامانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي ضمن الاحتفال باختيار الكويت (عاصمة للثقافة الاسلامية 2016) محاضرة بعنوان (دور المؤسسات الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية في تعزيز مفاهيم وقيم الهوية الوطنية وقيم المواطنة في دول الخليج العربي).
وشارك في الجلسة أستاذة التاريخ في جامعة الامارات الدكتورة فاطمة الصايغ والباحث في السياسة العامة في الإسلام من دولة قطر محمد الرويلي.
واكدت الدكتورة فاطمة الصايغ في كلمتها اثناء الجلسة ان التحديات الحضارية "هي من أهم التحديات التي تواجه دول الخليج العربي وتهدد كينونته الحضارية والثقافية" مشيرة الى ان دول الخليج العربي باتت شاهدا ونموذجا للتغير الحضاري والديموغرافي في العالم المعاصر.
وقالت ان من أهم العوامل التي ادت الى تلك التغيرات هي الطفرة المادية في دول الخليج العربي التي ادت الى تدفق "ملايين البشر" من جنسيات مختلفة الى هذه الدول حيث جلبوا معهم ثقافاتهم وهوياتهم ولغاتهم" مبينة ان "دول مثل الامارات وقطر مثلا أصبح المواطنين فيها أقلية".
وذكرت ان هذا الامر دفع بجمعيات النفع العام والمؤسسات الثقافية الإماراتية المختلفة الى دق ناقوس الخطر منذ بدايات المشكلة مشيرة الى ان الامارات قامت بتسمية عام 2008 بعام (الهوية الوطنية الإماراتية) "في محاولات لاعادة الانتماء الوطني والحضاري في الامارات" التي يجتمع داخلها حوالي 200 جنسية يمثلون ثقافات وحضارات مختلفة.
وأوضحت الصايغ ان هناك عدد من العوامل التي يجب معالجتها للحد من "التماهي الثقافي" ومنها الاعلام الذي "اصبح تجاريا ينقل اللهجات العربية المختلفة ويتناسى اللغة العربية الفصحى أو المحلية في دول الخليج العربي".
وذكرت ان من تلك العوامل ايضا مناهج التعليم في دول الخليج العربي التي دخلت "مرحلة التغريب" في مساعيها لنبذ التطرف والأفكار الدخيلة على المجتمع معتبرة ان "مناهج التعليم حاليا أحد وسائل القضاء على الهوية الوطنية".
واضافت "ان التسابق في تبني الحداثة خلق نوع من التغريب سواء كان مقصودا أم لا" وان الجدال التكنولوجي بات يهدد كينونة المجتمعات الخليجية التي "تقلصت فيها مميزات المواطنين بسبب تزايد نسبة الأجانب فيها".
ودعت الصايغ الى اتخاذ عدة خطوات لتفادي "طمي الهوية" منها حث الأبناء على التواصل باللغة العربية سواء في فضاء الوسائل الاجتماعية أو الحياة اليومية وتصحيح الخلل في التركيبة السكانية في دول الخليج العربية عن طريق "تعريب العمالة" أو استقطاب العمالة من الدولة العربية وتدويرها.
وحثت على مراجعة الخطط التنموية للتوافق مع أغراض التنمية المستقبلية ودعم مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الهوية الوطنية والثقافية.
ومن جانبه اعتبر الباحث محمد الرويلي في حديثه بالجلسة ان المواطنة "أساس قيام الدولة في العصر الحديث وهي بمنزلة عقد قانوني ما بين الفرد والدولة" الامر الذي يساهم في تأسيس دولة حديثة.
وشرح تطور مفهوم المواطنة في النظرية الإسلامية والتغييرات التي جرت عليه ضمن التيارات المختلفة منذ نشأته والتي شمل بعضها فكرة انشاء "دولة دينية تكون فيه الحاكمية الى الله عن طريق القرآن الكريم والسنة النبوية" موضحا ان من يتبنون هذه الفكرة "وبحسب تصورهم ان النظام الإسلامي لا يقوم الا بهذا الشكل".
وذكر ان هناك تيارات الأخرى معتدلة ترى ان الدولة يجب ان تقوم على "التسامح ورحابة الصدر والاعتراف بالآخر" مبينا ان هذه التيارات تسعى لاقامة دولة قومية يتساوى فيها الكل في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين.
وفي الجلسة الثالثة من الندوة حول موضوع (الوحدة الوطنية من المنظور الإسلامي) شارك الدكتور في علم الاجتماع من السعودية خالد الشريدة والأستاذ الدكتور في كلية الشريعة بجامعة الكويت محمد الشريف في تناول الموضوع من عدة زوايا.
ودعا الدكتور الشريدة في حديثه اثناء الجلسة دول الخليج العربية الى معالجة موضوع التركيبة السكانية التي تعرضت الى "خلخلة قوية" عن طريق المزيد من التخطيط الاقتصادي والثقافي والأمني المحكم.
وشدد على ضرورة النظر الى التقدم والتطور على انه تحد وليس مجرد شبع مادي ومكاسب سطحية وذلك من أجل تغيير ذلك الواقع السكاني "المخيف" والتقليل من الاعتماد على الغير لتغطية احتياجات الوطن كافة مؤكدا على ضرورة توجيه دول الخليج العربية ثرواتها الوطنية نحو الداخل حتى وان لم تحقق العوائد الهائلة في المدى القريب.
واشار الى حاجة دول الخليج الى العمل معا على تغيير أي وضع مختل "بهدوء وتعقل لتحقيق المزيد من العدالة وتعزيز الثقة والتعاون وتقسيم مسؤولية الإصلاح ما بين دول الخليج العربي".
وقال الشريدة ان التشارك في العمل الخليجي "يجب ان لا يقتصر على الجانب الأمني فقط" وانما يجب ان يمتد الى التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتعليمي والصحي والثقافي أيضا.
واكد ان مصلحة دول الخليج العربية في تكاملها ووحدتها وحرصها على الاستفادة من التجارب الأخرى في الاندماج على غرار منظومة الاتحاد الأوروبي.
وذكر ان اتحاد دول الخليج العربي سواء في نظام "فيدرالي" أو "كونفدرالي" له عدة ايجابيات منها احداث تطور نوعي وإبراز مستويات جديدة في بناء المؤسسات وتشريع القوانين والأنظمة وتبني السياسات الواحدة.
واضاف ان هذا الاتحاد سيساهم "في تلبية مطالب المواطن الخليجي في المشاركة السياسية والموازنة بين متطلبات الوحدة والمحافظة على معطيات السيادة الوطنية للدول الأعضاء".
واشار الى ان الاتحاد سيساهم ايضا في مواجهة التحديات الخارجية "التي لا شأن لها سوى استهداف أمن واستقرار اللحمة الخليجية وايقاظ الشعوب الخليجية لمواجهة الأخطار المحيطة بها" اضافة الى دوره في "تحسين ودعم الجبهة الداخلية وترسيخ الوحدة الوطنية استنادا الى المساواة بين جميع المواطنين امام القانون".
وقال الشريدة ان وجود دبلوماسية واحدة لهذا الاتحاد الخليجي سيساعد في خدمة القضايا الوطنية والعربية والإسلامية والتواصل الجماعي الموحد مع القوى الإقليمية والدولية كافة.
ومن جانبه تناول الدكتور محمد الشريف في حديثه اثناء الجلسة موضوع (التعددية الفكرية والحوار في المجتمع المسلم) حيث اكد ان القرآن الكريم يقر ان الاختلاف بين الناس "سنة ربانية جبلوا عليها" وان الدين الإسلامي "حاول بشتى الوسائل الانطلاق في حواره مع الآخر من أرضية مشتركة يتفقان عليها" إضافة الى دعوته لتجنب استثارة مشاعر العداء لدى الآخر.
وبين ان الدين الإسلامي حث أيضا على الحوار العقلي والعلمي والمجادلة بالتي هي أحسن والتعاون في المتفق عليه مشيرا الى ان "نبي الإسلام محمد سعى منذ تكوين دولته في المدينة المنورة الى التعاون مع سكان المدينة من اليهود".
وذكر ان الدين الاسلامي يدعو الى التسامح فيما اختلف فيه ونبذ العنف وهذا حال جميع الرسالات السماوية التي جاءت "بالحب والتعاون والرحمة والصلة" مضيفا "ولكن للأسف نجد اتباع الديانات ينحرفون عن تطبيق مبادئ اديانهم السامية لأسباب كثيرة".
وتستمر ندوة (تعزيز الهوية الوطنية الخليجية) التي افتتحها وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح بحضور شخصيات خليجية رسمية وشعبية واكاديمية حتى الاربعاء المقبل. (النهاية) ي ت / ف ش