A+ A-

العراق يسعى لاشاعة خطاب ديني معتدل في المناطق المحررة من (داعش)

من علاء الهويجل

بغداد - 28 - 8 (كونا) -- في مسعى لاشاعة خطاب ديني معتدل في المناطق المحررة من ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) أنهى امام جامع الدولة الكبير في مدينة الرمادي خطبة الجمعة بالدعاء لوحدة العراق والتآخي بين مكوناته.
وهذا الجامع هو نفسه الذي كانت تنتهي خطب الجمعة فيه قبل اشهر بالدعوة لقتل الاخرين وسبي نسائهم حين كانت المدينة خاضعة لسيطرة (داعش).
وكانت القوات العراقية قد طردت التنظيم الارهابي من الرمادي كبرى مدن محافظة الانبار قبل نحو ثمانية اشهر ومن الفلوجة قبل شهرين منهية بذلك عامين من سطوة الفكر المتشدد للتنظيم الذي طالما استغل المساجد كمنابر لبث افكاره الدينية والسياسية المتطرفة بين المواطنين.
ويبدو ان الاعتدال في خطب الجمعة خلال المرحلة الراهنة لم يات مصادفة بل جاء في اطار خطط حكومية جديدة لتهذيب الخطاب الديني في مساجد المدن المحررة من (داعش) تطوي حقبة التطرف السابقة وتتجه نحو الاعتدال والوسطية سيما وان المساجد في تلك المدن تعد مراكز ارشادية وتوجيهية مهمة في مجتمع معروف بالتزامه الديني المحافظ.
وفي هذا الاطار قال رئيس لجنة الاوقاف والشؤون الدينية في مجلس النواب العراقي النائب عبدالعظيم العجمان لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان لجنته تعمل بالتنسيق مع ديوان الوقف السني لتنظيم عمل وادارة المساجد في محافظتي الانبار وصلاح الدين في مرحلة ما بعد (داعش).
واضاف ان لجنة الاوقاف والشؤون الدينية النيابية ستعمل وفقا لبرنامج الهيئة الوطنية لحماية التعايش السلمي ومكافحة التطرف و"الارهاب" مشيرا الى أن الهيئة سبق ان انشئت بمبادرة من البرلمان العراقي في شهر نوفمبر من العام الماضي بهدف اشاعة الاعتدال والوسطية في المجتمع.
واوضح العجمان ان الهيئة باشرت عملها بالفعل في المناطق المحررة من (داعش) مثل مدينة الفلوجة في انتقاء ائمة المساجد بهدف الوصول الى خطاب ديني ينسجم وقيم الاسلام الحنيف خلال المرحلة المقبلة.
واكد ان الوقف السني سيعمل كذلك على منع عودة الخطباء الذين ساهموا في دخول (داعش) ومهدوا لفكره المنحرف والضال حتى ولو بالكلمة او بالتعاطف معهم قائلا "لن يعود اي خطيب ما لم يتم التاكد من سلامة موقفه الفكري".
بدوره قال مدير الوقف السني العراقي الشيخ عبداللطيف الهميم في تصريح ل(كونا) ان الوقف اعد دراسة متكاملة منذ اكثر من ستة اشهر تضمنت تشكيل لجان عمل متخصصة لدراسة ادارة المساجد في المرحلة المقبلة.
وبين ان من ابرز اولويات لجان العمل اعادة اختبار الخطباء العاملين في مساجد الانبار وصلاح الدين ونينوى واستبعاد غير المؤهلين منهم مؤكدا ان المعيار سيكون مدى التزام الخطباء بمنهج الاعتدال والوسطية بعيدا عن الغلو والتطرف و"الارهاب".
وذكر الهميم ان الوقف سيعمل كذلك على تنظيم دورات تدريبية للائمة والخطباء في جامعة الازهر الشريف بجمهورية مصر العربية ودورات اخرى في دولة الكويت ودبي بالامارات لاعادة تاهيلهم بما ينسجم ومنهج الوسطية والاعتدال.
ولفت الى ان الدورات الخارجية ستتزامن مع 500 دورة اخرى داخلية يتم تنفيذها على مدار العامين المقبلين لتاهيل اكثر من 14 الف امام وخطيب مشيرا الى أن الوقف السني اعد كذلك دراسة اخرى لانهاء دور الخطباء الذين ينتمون الى اختصاصات بعيدة عن الشريعة الاسلامية.
وراى ان تكليف هؤلاء الخطباء كان يمثل مشكلة اساسية ادت الى ظهور التيارات المتطرفة في العراق.
من جانبه قال رئيس مجلس العشائر المنتفضة ضد (داعش) في الانبار الشيخ فيصل العسافي ل(كونا) ان ازمة الغلو والتطرف في مساجد الانبار تمتد الى حقبة النظام الصدامي البائد والذي روج للفكر المتطرف والغلو منذ ذلك الحين.
وبين ان الحملة التي اطلقها صدام حسين انذاك والتي اطلق عليها (الحملة الايمانية) كانت البوابة لتغلغل الغلو والتطرف الى داخل المجتمعات الاسلامية وكانت النافذة التي تسلل من خلالها المتطرفون الى المنابر.
واضاف العسافي ان البذرة التي وضعها المتطرفون في تلك الحقبة وجدت من يغذيها في الوقت الراهن بعد بروز فكر القاعدة و(داعش) وغيرها من التيارات الارهابية المتطرفة والمنحرفة.
وراى ان الاوضاع الامنية في الانبار لن تستقر ولن تهدأ حتى يعود المسجد الى حالته الطبيعية منبرا للفكر المتسامح والمعتدل ومركزا للوسطية والتاخي والمحبة تجسيدا لقيم الاسلام السمح ومبادئه السامية.
وكانت مدينة الرمادي مركز الأنبار كبرى محافظات العراق مساحة قد سقطت في أيدي ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في شهر مايو من العام الماضي الى ان تمكنت القوات العراقية من استعادتها في شهر ديسمبر الماضي.(النهاية) ع ح ه / م م ج