A+ A-

برلمان العراق يسحب الثقة من وزير الدفاع ودبابات الجيش على مشارف الموصل

جانب من عمليات الجيش العراقي في ناحية (القيارة) التابعة لمحافظة نينوى
جانب من عمليات الجيش العراقي في ناحية (القيارة) التابعة لمحافظة نينوى

من علاء الهويجل

بغداد - 25 - 8 (كونا) -- ما هي الا دقائق قليلة فقط بعد الاعلان عن تمكن الجيش العراقي من دخول ناحية (القيارة) في محافظة نينوى وتحريرها بالكامل من قبضة ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في مكسب عسكري جديد يضع الجيش على اعتاب مدينة الموصل حتى جاءت الانباء من بغداد ومن داخل قبة البرلمان بسحب الثقة من وزير الدفاع خالد العبيدي الذي يفترض انه كان جزءا من منظومة الجيش التي صنعت المكاسب العسكرية الاخيرة في البلاد.
ففي الوقت الذي انتهى فيه مكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من توزيع بيان النصر في القيارة كان 142 نائبا في البرلمان العراقي في بغداد قد صوتوا في اقتراع سري شمل 262 نائبا لصالح سحب الثقة عن العبيدي في ضربة لمساعي رئيس الحكومة بتأجيل التصويت إلى ما بعد تحرير الموصل.
وجاء قرار سحب الثقة بناء على استجواب تقدمت به النائبة عالية نصيف التي تنتمي الى ائتلاف دولة القانون في الاول من اغسطس الجاري بتهم تتعلق بالفساد المالي والاداري وهي التهم التي نفاها الوزير خلال جلسة الاستجواب العلنية الصاخبة متهما نصيف نفسها ورئيس البرلمان سليم الجبوري ونائبين اخرين بابتزازه لمنافع شخصية ومالية.
وأثارت جلسة الاستجواب وتهم الفساد التي تحدث عنها الوزير ضجة كبيرة في الشارع العراقي قدم على اثرها رئيس البرلمان طلبا طوعيا برفع الحصانة عنه ليتوجه الى القضاء للبت فيما اذا كانت التهم صحيحة بحقه أم لا وقد اصدر القضاء امرا بتبرئته في ذات اليوم.
الا أن ملف الاستجواب خلق نوعا من الشقاق داخل الكتل السياسية نفسها ففي الوقت الذي أيدت معظم الاحزاب المكونة لاتحاد القوى العراقية سحب الثقة من الوزير العبيدي فان ائتلاف متحدون أحد مكونات الاتحاد أعلن صراحة وعلى لسان رئيسه اسامة النجيفي دعمه للعبيدي بل أكد في تصريح صحفي أن الجبوري لم يعد صالحا لمنصب رئاسة البرلمان.
أما التحالف الوطني فقد تباينت الآراء داخله أيضا ففي الوقت الذي أعلنت كتلتا الاحرار والمواطن دعمهما الصريح لتأجيل البت في سحب الثقة الى ما بعد تحرير الموصل فإن كتلا اخرى بقيت ضمن المنطقة الرمادية دون إعلان موقف محدد لسحب الثقة من عدمها وكذلك الامر بالنسبة للتحالف الكردستاني الذي أكد نوابه أكثر من مرة أن قياداتهم في اربيل خيرتهم بالتصويت على سحب الثقة من عدمه وفقا لقناعاتهم.
ويعد تصويت البرلمان اليوم ضربة لمساعي العبادي الرامية للتمسك بالوزير لحين انتهاء معركة الموصل إذ أكد أكثر من مرة على ضرورة الابتعاد عن الخلافات السياسية التي قد تؤثر سلبا على القوات الامنية العراقية.
وقال العبادي قبل ايام من جلسة سحب الثقة ان توقيت استجواب وزير الدفاع كان خطأ وانه طالب البرلمان بتأجيله الى ما بعد معركة تحرير الموصل مؤكدا أن أي استجواب يجب أن يكون ضمن السياقات الدستورية وفي الأوقات الصحيحة على حد وصفه.
وأكد أن على الكتل السياسية الابتعاد عن المناكفات والتجاذبات التي تضر بالمصلحة الوطنية وأن يتوجهوا لدعم القوات الامنية في حربها ضد الارهاب.
بدوره قال الوزير العبيدي في بيان بعد اعلان سحب الثقة منه "فليعذرني الشعب والجيش فقد حاولت ان احارب الفساد بالممكنات لكن يبدو أن اربابه اقوى وصوتهم أعلى وفعلهم امضى".
واضاف "أنه سيبقى جنديا بين جنود الشعب الساعين لحرب الفساد والمفسدين" شاكرا "كل من صوت ووقف معه وتفهم موقفه وتفاعل معه".
في المقابل يرى دعاة سحب الثقة ان اقالة الوزير لن تؤثر بالمطلق على سير العمليات العسكرية في الموصل كونها تدار من قبل قيادة العمليات المشتركة في العراق وليس بقيادة العبيدي.
وتقول رئيسة حركة ارادة النائبة حنان الفتلاوي التي سبق ان استجوبت الوزير نفسه ان العبيدي لا يمتلك اي صلاحيات مهمة مستشهدة بحديث سابق قال فيه الوزير انه لا يملك صلاحية تحريك جندي واحد.
بدورها وصفت النائبة عالية النصيف صاحبة الاستجواب الذي اطاح بالعبيدي قرار النواب اليوم بسحب الثقة بالوزير بانه انتصار لكرامة الشعب العراقي على حد وصفها متعهدة بأنها "ستكشف لاحقا بان يداه ملطختان بدماء الحشد الشعبي والقوات المسلحة".
من جانبه وصف ائتلاف متحدون قرار سحب الثقة واقالة العبيدي بأنه خرق للدستور معلنا فخره بما انجزه الوزير خلال فترة عمله الماضية.
وقال النائب عن متحدون خالد المفرجي في مؤتمر صحفي اليوم ان الاستجواب كان "استهدافا سياسيا وغير مهني" وأن غيابه عن معركة تحرير الموصل سيشكل خطرا كبيرا على البلاد على حد رأيه.
وبذلك تكون الوزارتان الامنيتان في الحكومة العراقية الداخلية والدفاع شاغرتين بسبب استقالة وزير الاولى محمد الغبان على خلفية الاعتداء الذي استهدف منطقة الكرادة في بغداد وسحب الثقة عن وزير الثانية من قبل البرلمان.
ورغم ان خسارة وزيرين امنيين في وقت قريب قد يشكل تحديا كبيرا لمساع رئيس الحكومة في حربه ضد تنظيم (داعش) الا ان مراقبين يقللون من اهمية غيابهما في الوقت الراهن كون معظم المعارك تقاد بصورة فعلية من قبل قيادة العمليات المشتركة في العراق بقيادة الفريق اول ركن طالب شغاتي وليس تحت قيادة ايا من الوزيرين.
ويستشهد هذا الفريق بتحرير القيارة اليوم من تنظيم (داعش) التي تعد من اكثر المعاقل الحصينة للتنظيم ومورده النفطي المهم حيث لم يربك موقف الوزير المتأزم تحرك تلك القوات وتوغلها نحو الموصل.
ويرى البعض ان الازمة الحقيقية في سحب الثقة عن الوزير ليس في تاثيره وانعكاسه على الوضع الامني وسير المعارك في الموصل بقدر كونه يعكس حالة من عدم الانسجام بين الاداء السياسي من جهة والاداء الامني في الحرب ضد داعش من جهة اخرى. (النهاية) ع ح ه / ه س ص