A+ A-

المؤسسات الرسمية والخاصة ووسائل التواصل الاجتماعي..علاقة محكومة بالتفاعل يحددها الجمهور

من شهد كمال

الكويت - 29 - 7 (كونا) -- وضع تطور مفهوم الصحافة التفاعلية والطفرة التكنولوجية واتساع مساحة التواصل الاجتماعي المؤسسات الرسمية أو الخاصة في الكويت أمام تحد كبير خرج عن العباءة الصحافية التقليدية ليجعل من تفاعلها مع الجمهور أو الرأي العام معيارا من معايير مصداقيتها ودقة عملها وتنفيذها مهامها الموكلة إليها وهو ما ثبت أن تلك المؤسسات تتفاوت به فعلا.
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام" و"سنابشات" و"يوتيوب" وغيرها بات العالم قرية صغيرة واضطرت مختلف الوزارات والمؤسسات لمواكبة الجمهور الذي تستهدفه إلى إنشاء حساباتها الرسمية لتقدم شخصيتها الاعتبارية ولتفند أو توضح القضايا محل الالتباس أو الإشاعات أو قضايا الرأي العام وحتى الرد على آراء أو أفكار تدون على تلك الوسائل.
ولعل التفاوت أيضا هو سمة إيلاء هذه المؤسسة أو تلك وسائل التواصل الاجتماعي أهمية خاصة حسب جمهورها المستهدف فبينما تنشط وزارات ومؤسسات على تماس مباشر مع الجمهور في اللجوء إلى تلك الوسائل لتقديم رسالتها الإعلامية أو التوعوية وتفنيد الإشاعات والمعلومات أكثر من غيرها مثل الداخلية والصحة والأشغال العامة وغيرها فإن بعض الجهات لم تأخذ تلك الوسائل على محمل الجد وبقيت محكومة بوسائلها التقليدية في التوجه إلى الجمهور من قبيل البيانات الصحافية أو الصحف الورقية أو التغطية المتلفزة.
ومن المعلوم أن وسائل التواصل الاجتماعي فضلا عن دورها الكبير في نقل المعلومات والصور والفيديوهات والأخبار الصحيحة فإنها في المقابل تؤدي الدور نفسه في نقل الإشاعات والأخبار المغلوطة وتكوين رأي عام غير مستنير ومنفعل لا فعال.
وبسبب هذا التأثير الكبير للتواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني على غالبية البشر فإننا نجد كثيرا من جهات الدولة ومؤسساتها تنشئ حسابا خاصا بها لتنقل أخبارها وكل ما يتعلق بنشاطها.
وفي المقابل أكثر ما تتابعه تلك المؤسسات في الكويت هو ما يثار في موقع "تويتر" الأوسع استخداما في البلاد بمعنى أنه في حال انتشار إشاعات أومعلومات تخصها فإن المؤسسة المعنية بحسب نشاط القائمين على جانبها الإعلامي أو العلاقات العامة فيها تبادر بالنفي أو التأكيد لتوضيح ما يثار والحد من انتشار الأخبار المغلوطة.
وفي السياق أجرت وكالة الأنباء الكويتية (كونا) لقاءات متفرقة مع مسؤولين عن الإعلام في وزارات الداخلية والصحة والتربية والكهرباء حيث اتفقوا على اهتمامهم الكبير بمفهوم الصحافة التفاعلية.
وركز هؤلاء على أن الاهتمام ينصب بالدرجة الأولى على الرد على الإشاعات التي تثار في وسائل التواصل الاجتماعي وتمس صلب أعمالهم وتؤثر سلبا على الرأي العام حيث لا يتوانون في تفنيد الإشاعات التي تستدعي الرد عليها والتي تتطرق لأمور مهمة وتحرك الرأي العام.
وقال المدير العام للادارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني في وزارة الداخلية العميد عادل أحمد الحشاش إن الإعلام الإلكتروني يشكل إحدى الوسائل الإعلامية بالغة الأهمية المعتمدة على تكنولوجيا الاتصال والإنترنت ويعتبر نافذة فتحت آفاقا عديدة واتسعت من خلالها الرؤى وأصبحت المعلومة عن طريقها ملكا للجميع من خلال المشاهدة والقراءة والاستماع في آن واحد.
وأوضح العميد الحشاش أن ظهور شبكات التواصل الاجتماعي وفر نقلة نوعية للاعلام إلى آفاق غير مسبوقة منحت مستخدميه فرصة كبرى للتأثير والانتقال عبر الحدود بلا قيود ولا رقابة إلا بشكل نسبي محدود مما أتاح الفرصة لاستخدامها في نشر الأخبار غير الصحيحة والشائعات.
وبين أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي أوجد قنوات للبث المباشر من جمهورها في تطور يغير من جوهر النظريات الاتصالية المعروفة ويقلب مفهوم صناعة الرسالة الإعلامية لينقلها إلى مدى أوسع وأكثر شمولية وقدرة تأثيرية وتفاعلية لم يكن يتصورها أحد من خبراء الاتصال.
وأشار إلى أن الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني تستفيد من هذه الوسيلة الإعلامية من خلال تطوير وتحديث موقع وزارة الداخلية على شبكة الإنترنت وتزويده بالأخبار والمعلومات والخدمات التي تهم الجمهور ومتابعة الرسائل التي ترد عبر البريد الإلكتروني لوزارة الداخلية والتنسيق مع الجهات المختصة للرد أو إبداء الرأي حولها.
وأكد أن الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني تقوم بالرد الفوري على الأخبار غير الصحيحة والشائعات التي ترد على مواقع التواصل الاجتماعي بكل حيادية وشفافية وموضوعية.
وبين أن (الداخلية) تهدف من كل ذلك إلى تعزيز التواصل مع المجتمع والتعرف على اتجاهات الرأي العام وتحليلها ورصد أهم المشكلات ذات الصلة به وتحليلها ورفعها إلى الجهات المعنية وإيضاح الحقائق ودحض الشائعات وتفنيدها.
وأرجع ذلك الاهتمام إلى عدة أسباب هي أن الوزارة ذات طبيعة أمنية وعلى ارتباط مباشر بالجمهور لذا يجب أن تعمل على تبيان كل النقاط المثارة عبروسائل الإعلام المختلفة لإيمانها بأن إظهار الحقيقة جزء لا يتجزأ من جهودها.
وأكد أن الرد السريع والفوري يعطي شعورا بالاطمئنان وإحساسا بالارتياح والرضا من جانب الجمهور تجاه أداء الأجهزة الأمنية ومتابعتها هموم المواطن ومشاكله ويبرز اطلاعها على كل ما يثار انطلاقا من أن أمن المواطن مسؤولية وأمانة لدى المؤسسة الأمنية.
وأشار الحشاش إلى أن الرد السريع يعزز الثقة بين المؤسسة الأمنية والجمهور ويبدأ أساسا من اعتماد الشفافية والموضوعية بالطرح ويقضي على الإحساس بالجفوة والتباعد بين الجانبين مما قد يلقي بظلاله على رضا وثقة واعتزاز ومن ثم تعاون المواطن والمقيم بأداء الأجهزة الأمنية.
وأكد أن "الإعلام الأمني" تبدي اهتماما كبيرا بما يثار في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من أخبار غير صحيحة وإشاعات وتبادر إلى إيضاح الحقائق بكل موضوعية وحيادية ولا يوجد أي تراجع لدينا في هذا التوجه.

من جانبه قال مقرر فريق عمل إنشاء وتشغيل مواقع وزارة الصحة ضمن شبكات التواصل الاجتماعي الدكتور عبدالعزيز الرشيد إن (الصحة) تقوم بالرد على الشائعات ونفيها إن كان الأمر يستدعي ذلك كما يتم توضيح المعلومة ذات التأثير المباشر على صحة الناس أو تلك التي تطلق على جودةالخدمات الصحية.
وأشار الرشيد إلى أن الحساب الخاص بوزارة الصحة على وسائل التواصل الاجتماعي لم يتراجع أبدا في نشاطه على الرد أو نفي أو توضيح الإشاعات ضمن مسؤولية فريق العمل المختص بهذا الموضوع.
وبين أن حسابات الوزارة على "تويتر" و"إنستغرام" تم إنشاؤها بعد استشعار الوزارة أهمية وجود جهة مرجعية في تلك البرامج يثق بها جمهور المواطنين والمقيمين على أرض الكويت وخصوصا بعد اعتماد الكثير من الناس على "التواصل الاجتماعي" في أخذ الأخبار مما يجعلهم عرضة لتلقي معلومات مغلوطة.
وقال إن حسابات وزارة الصحة على تلك المواقع تتكون من فريق عمل يضم مسؤولين في الوزارة وإعلاميين ولديهم مهمة وخطة تشمل التوعية الصحية وإبراز الخدمات الصحية التي توفرها الوزارة وتغطية أي أمراض وأوبئة وحوادث والرد أو التوضيح لأي إشاعات تثير الذعر فيما يخص الجانب الصحي إلى جانب تغطية إطلاق الخدمات الصحية الجديدة.
وذكر أن فريق العمل يعمل بجد واجتهاد لتحقيق إهداف إنشاء حسابات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤكدا أن نشاط الفريق لم يقل عن الرد على الإشاعات أو نفيها.
من جهته قال المتحدث الرسمي لوزارة التربية ضيدان العجمي إن من الصعب جدا الرد على كل ما يثار هنا وهناك لاسيما الأخبار الملفقة والإشاعات مضيفا أن التربية ولأنها جهة حكومية تتعامل مع الأخبار وفق العقل والمنطق فهناك إشاعات قد تصدر من حسابات فردية لأغراض شخصية وأخرى حسابات وهمية للبلبلة وسوء النية فمن الصعب الرد على مثل ذلك بتاتا.
وأكد العجمي أهمية مواجهة بعض الإشاعات التي لابد أن يقابلها رد فوري وقاطع إذا كانت تتعلق بشريحة كبيرة من العاملين بتلك الوزارة أو قضية مجتمعية تهم الكثيرين "وهنا لزاما علينا التعامل مع هذه الاخبار بمهنية وحيادية".
من ناحيته قال الناطق الرسمي باسم وزارة الكهرباء والماء الوكيل المساعد للتخطيط والتدريب الدكتور مشعان العتيبي إنه في حال انتشار إشاعة تخص وزارة الكهرباء فإن الوزارة تقوم بدورها على توضيح المعلومة مؤكدا أن من الصعب جدا الرد على كل الإشاعات أو نفيها "إنما نكتفي بالتوضيح".
وأشار العتيبي إلى أن الوزارة تهتم بالإشاعات المؤثرة والتي تحرك الرأي العام مبينا ان الوزارة تتابع أولا بأول كل ما يثار عنها في وسائل التواصل الاجتماعي وأكد أن أغلب الأخبار الخاصة بوزارة الكهرباء يهتم لها المواطنون والمقيمون في الكويت وذلك لأهمية تلك الجهة وتأثيرها.
وبين أن جهات ومؤسسات الدولة يجب أن تتماشى مع التطور التكنولوجي ونقل الأخبار الخاصة بكل موضوعية وحيادية وشفافية ليكسب ثقة المواطنين والمقيمين.
وكانت دراسة ميدانية مسحية نشرتها (كونا) أظهرت أن نحو 72 في المئة من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في الكويت مفرطون في متابعتها حيثوصل معدل الاستخدام اليومي إلى ما يزيد على 5 ساعات.
وأثبتت الدراسة التي أعدها الخبيران في تقنية المعلومات المهندسان بسام الشمري وأحمد صفر بعنوان (استخدام الشبكات الاجتماعية..الفرص والمخاطر) أن وسائل التواصل الاجتماعي تساهم كثيرا في سرعة انتشار المعلومة وزيادة الإشاعات بنسبة 65 في المئة وأن 54 تعرضوا للخداع عن طريق الشبكاتالاجتماعية التي أدت إلى تغيير في بعض القيم لديهم.
وأوضحت أنه يتم استخدام نحو تطبيقين وأربعة تطبيقات مثبتة على أجهزة المستخدمين في الكويت يتفوق فيها تطبيق (واتساب) بنسبة تصل إلى 90 فيالمئة ثم (سناب شات) بواقع 40 في المئة و(إنستغرام) 38 في المئة ثم (تويتر) 25 في المئة.
ولفتت إلى أن نحو 25 في المئة من الشريحة المشاركة في المسح يستخدمون تطبيقات الوسائل الاجتماعية أكثر من 50 مرة يوميا وعلى الأخص الشريحةالمنتجة في المجتمع من عمر 31 إلى 40 سنة.
وحسب الدراسة تصدرت المواضيع الاجتماعية وسائل التواصل بنسبة 81 في المئة بل كانت الأكثر اهتماما وتفاعلا تليها الثقافية فالسياسية والدينية مشددة على ضرورة التوظيف السليم لاستخدام وسائل التواصل في مجتمعنا. (النهاية) ش ه د / ت ب