A+ A-

اليمن يواجه موقفا اقتصاديا وإنسانيا خطيرا ينذر بعواقب وخيمة

(خبر موسع)

الكويت - 26 - 5 (كونا) -- يواجه اليمن موقفا اقتصاديا وإنسانيا خطيرا ينذر بعواقب وخيمة على الشعب ما لم يتوصل الفرقاء اليمنيون المشاركون في مشاورات السلام المنعقدة حاليا في الكويت إلى حل سياسي توافقي يعيد الامن والاستقرار لليمن وشعبه.
واصبح الوضع في اليمن امام منعطف خطير للغاية ما يتطلب من اليمنيين عدم تفويت مشاورات الكويت التي تعد فرصة كبيرة لإنهاء الصراع المرير في بلدهم وتجنب أي فشل قد يدخل اليمن في نفق مظلم ويؤدي الى مزيد من الدمار.
ويعلق المجتمع الدولي امالا على نجاح مشاورات الكويت في وقف الحرب وتحقيق سلام مستدام عبر تغليب الوفود اليمنية صوت العقل والحكمة ولغة الحوار عند معالجة القضايا الخلافية بينهم تماشيا مع القرارات الدولية التي تنطلق منها المشاورات ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 2216.
وعلى الأطراف المتنازعة ان تضع نصب أعينها المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار كون القضية ليست هزيمة او انتصارا لأحد بل الوطن والشعب هما المنتصران في النهاية. وتبرز هنا أهمية معالجة الأطراف اليمنية كل القضايا والتحديات الشائكة ما بعد الحرب معالجة وطنية جادة للحفاظ على الدم اليمني وانقاذ اليمن.
وفي هذا السياق اكد مبعوث الامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد ان الأمم المتحدة لم ولن تخذل اليمنيين مشددا على انها ستعمل على متابعة الجهود لحث الأطراف المعنية على التوصل الى حل سلمي.
ودعا في مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس الأطراف اليمنية الى تحمل مسؤوليتها تجاه الشعب اليمني مؤكدا ان اليمن امام منعطف خطير ما يتطلب تسريع الوتيرة واتخاذ اجراءات بناءة تنقذ الوضع.
وحذر من إنزال الأطراف المعنية حكم الاعدام على الواقع المعيشي في اليمن في حال عدم تقديم التنازلات معربا عن الأمل في ان تتخذ مع قرب شهر رمضان المبارك إجراءات عملية وملموسة لتخفيف العبء عن المواطنين من الناحية الاقتصادية والإفراج عن الأسرى وكذلك تثبيت وقف الأعمال القتالية.
وتطرق ولد الشيخ احمد الى تساؤلات يطرحها البعض عن السقف الزمني للمشاورات قائلا انه"منذ الأساس لم نحدد سقفا زمنيا للمشاورات وذلك لاعتبارات عدة منها تجنب ان يشكل عامل الوقت ورقة ضغط من أي طرف على الآخر أو على الأمم المتحدة".
واكد أن المأساة في اليمن يجب أن تنتهي بأقرب وقت ممكن مطالبا المشاركين في مشاورات الكويت مضاعفة الجهود للتوصل لحل سلمي.
وقال ان " عامل الوقت ليس هو الأبرز والأول في هذه المعادلة فالقرارات المصيرية والمهمة تتطلب تمعنا ودرسا دقيقا حتى تأتي شاملة وغير مبتورة وعلى الفرقاء تسريع الوتيرة لانهاء النزاع .. وعامل الوقت يتوقف على تجاوب الأطراف".
وشدد في هذا الصدد على ان الأمم المتحدة عازمة على تحقيق السلام في اليمن وتكريس أي اتفاق يتم التوصل إليه خلال المشاورات التي اكد انها مستمرة وبدعم دولي لم يخف.
وتحدث المبعوث الاممي عن الوضع الاقتصادي في اليمن قائلا ان النزاع في اليمن نسف البنية الاقتصادية وأبرز مقومات مؤسسات الدولة محذرا من إن عدم تدارك الوضع بشكل عاجل سوف يؤدي الى مزيد من التدهور الاقتصادي. واوضح ان الأسبوع الماضي شهد تراجعا كبيرا في قيمة العملة اليمنية فيما ساهم النقص المتفاقم للسيولة وللموارد في خزينة الدولة في تفاقم الأزمة الاقتصادية. وذكر ان استمرار الحال على ما هو عليه سوف يؤدي الى مزيد من التضخم في الأسعار ما سينعكس على الوضعين الاجتماعي والانساني.
واشار في هذا الصدد الى انه اقترح على الأطراف اليمنية تشكيل "هيئة انقاذ اقتصادي" بأقرب وقت ممكن تستفيد من خبرة أبرز المرجعيات الاقتصادية لتدارك الوضع واتخاذ اجراءات سريعة لانقاذ ما يمكن انقاذه. وقال ان "اليمن حاليا في غرفة الانعاش فالاقتصاد يتراجع والبنية التحتية تنهار والنسيج الاجتماعي يتفكك والصورة في البلاد قاتمة والكل ينتظر بصيص نور من الكويت للتوصل الى حل سياسي يعيد للمشهد اليمني نور التفاؤل ووحدهم المشاركون في المشاورات قادرون على تغيير المعادلة".
وفي خطوة تنفيذية عاجلة حث المبعوث الاممي الأطراف اليمنية والمجتمع الدولي على استئناف عمل "برامج التحويلات النقدية التابعة لصندوق الرعاية الاجتماعية" التي تعنى بتقديم مساعدات مباشرة لأكثر الفئات احتياجا بما يعيد ضخ السيولة في البلاد وينعش واقع البنك المركزي ويخفف من المعاناة الاجتماعية.
وقال إن المعاناة الاجتماعية تزيد من صعوبة الوضع الانساني في اليمن الا انه اكد ان منظمات الأمم المتحدة تستفيد من التحسن العام في الوضع الأمني في معظم المناطق لتوزيع المساعدات وتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية والأدوية والمياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية. وأضاف ان المنظمات تعمل مع شركائها ايضا على تمكين الأطفال في هذه الظروف الصعبة من خلال توفير فصول محو الأمية والكتابة وتعلم الحساب.

وجدد المبعوث الاممي شكره الى سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح على الاستضافة وحسن الضيافة للوفود وفريق عمل الأمم المتحدة مشيدا في الوقت ذاته بجهود المجتمع الدولي الذي يبرهن عن وحدة صف استثنائية ودعم غير متناه لجهود الأمم المتحدة.
واكد ان جهود قيادة دولة الكويت ودولة قطر والأمين العام للأمم المتحدة أسفرت عن عودة وفد الحكومة اليمنية إلى المشاورات التي شهدت يوم الاثنين الماضي عقد جلسة مشتركة بين الوفدين جدد فيها رؤساء الوفود التزامهم الراسخ بالاستمرار في المشاورات لحين التوصل لاتفاق سياسي يرضي جميع الأطراف.
واشار الى انه اجرى سلسلة من اللقاءات الثنائية مع الوفود على مدار اليومين الماضيين تطرقت إلى تفاصيل وآليات الانسحاب وتسليم السلاح واستئناف الحوار السياسي واستعادة مؤسسات الدولة وغيرها من المواضيع التي سيتضمنها الاتفاق الشامل موضحا أن النقاشات ركزت ايضا على الضمانات والتطمينات المطلوبة من الطرفين لضمان تطبيق الاتفاقات والتفاهمات.
وقال ان الاطراف بدأت في هذه المرحلة تناول مسائل محددة وقضايا تفصيلية شائكة في إطار المرجعيات المتفق عليها مضيفا انه تم الاتفاق على استمرارية عمل لجنة الأسرى والمعتقلين التي تم تعزيزها بخبراء من الطرفين.
وكشف عن وصول وفد من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى الكويت يوم امس الأربعاء بدعوة منه حيث التقى الوفد الأطراف كلا على حدة لإطلاعهم على دور اللجنة الدولية في عمليات إطلاق وتبادل الأسرى في مناطق الحرب وإجراءات وآليات عملها.
وفيما يتعلق بعمل لجنة التهدئة والتواصل أكد عودة ممثلي وفد انصار الله والمؤتمر الشعبي العام الى العمل في اللجنة بعد تعليق استمر يوما واحدا موضحا ان اللجنة "مستمرة في عملها بجدية .. فيما نبحث حاليا في عدة خيارات لدعم عمل اللجان المحلية وتعزيزها من الناحية التقنية".
وحول الضمانات التي طرحها على كلا الطرفين قال ولد الشيخ احمد انه حرص في البداية على موضوع بناء الثقة الذي يتطلب مزيدا من الوقت.
وأشار الى وجود مخاوف لدى الطرفين حول هذا الامر مؤكدا انه سيسعى الى توفير الضمانات اللازمة التي ستكون جزءا من الأوراق التي سيجري الاتفاق عليها في الكويت.
وقال ان الضمانات تشمل الزام الطرفين بتنفيذ ما سيجري الاتفاق عليه خلال المشاورات موضحا ان الاتفاق وفق رؤية الامم المتحدة لا يمثل الا نحو خمسة في المئة من الحل فيما يبقى الجزء الأكبر اي نسبة 95 في المئة مستندا الى تطبيق ما جاء في الاتفاق عمليا على الارض.
وفي سياق المواقف العربية والدولية الداعمة لمشاورات السلام اليمينة أعرب نائب وزير الخارجية الكويتي خالد سليمان الجارالله عن تفاؤله بتوصل الاشقاء اليمنيين في الكويت الى اتفاق شامل ينهي الصراع الدائر في اليمن.
وقال الجارالله لوكالة الانباء الكويتية (كونا) وتلفزيون الكويت اليوم الخميس في العاصمة البريطانية ان المشاورات تسير في الاتجاه الصحيح في ضوء تفاعل جميع المشاركين للتوصل الى حل.
واضاف ان اليمنيين دخلوا مرحلة من التشاور بشأن التفاصيل الخاصة بخلافاتهم تعززها ارضية مشتركة ستسهم في التوصل الى اتفاق شامل ينهي المأساة والدماء التي سالت في اليمن.
من جانبه اشاد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا توبايس الوود في تصريح مماثل بدور الكويت في استضافة المشاورات اليمنية وتوفير الأجواء المناسبة لإيجاد مخرج سياسي للازمة.
واكد الوود ان دولة الكويت تؤدي دورا "مهما" في منطقة الشرق الأوسط مضيفا ان "العالم بكامله وبريطانيا بشكل خاص ممتنون للكويت على جهودها ومسؤولياتها في هذا الجانب".
واعرب عن ارتياحه لاحترام الاطراف المعنية وقف إطلاق النار مشيدا في الوقت ذاته بجهود مبعوث الامم المتحدة لليمن في المساهمة بحل الازمة اليمنية.
من جانبها ثمنت جامعة الدول العربية دور دولة الكويت الداعم والمساند للقضايا العربية مشيدة بجهودها الحثيثة في استضافة المشاورات اليمنية.
وقال نائب الأمين العام للجامعة السفير احمد بن حلي للصحفيين اليوم الخميس ان دور الكويت "دائما داعم ومساند.. وهي توفر كل أسباب النجاح" مشيرا الى أن سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح التقى شخصيا أعضاء الوفدين اليمنيين لحثهما على العمل الجدي ووضع مصلحة بلدهم فوق كل اعتبار "من أجل استمرار ونجاح المفاوضات".
وقال إن الكويت تبذل كل الجهود المطلوبة انطلاقا من دورها المشهود له دائما بمعالجة القضايا العربية معربا عن أمله في أن تتوصل الاطراف اليمنية في مشاورات الكويت الى حل للأزمة من جميع جوانبها بما يحافظ على الشرعية ووحدة اليمن واستقراره. (النهاية) ع م