A+ A-

(المنادي).. مهنة اندثرت لكنها تحيا في الذاكرة الشعبية

من سارة المخيزيم

الكويت - 26 - 11 (كونا) -- إذا سمعت صوتا مرتفعا في أحد فرجان الكويت القديمة فاعلم أن هناك حدثا ما يستحق الاهتمام ينقله المطرب أو المنادي.
ونظرا لغياب وسائل الإعلام قديما حتى التقليدية منها فكان لابد من اتباع طريقة لتبليغ الناس بالامور الهامة مثل الإعلان الرسمي من قبل الدولة أو الاعلان عن سلعة تجارية وكذلك المناسبات الاجتماعية ومنها جاءت وظيفة المطرب.
وفي هذا الصدد قال الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح إن "المطرب كان يلعب دور وسائل الاعلان والإعلام في نشر الخبر ولذلك ينبغي أن يكون هذا الرجل على دراية تامة بالطرق والسكيك والفرجان وتشعباتها وبأفراد المجتمع بشكل عام وأن يكون صاحب قدرة على ايصال المعلومة الى الجميع من دون استثناء وأن يمتلك صوتا جهوريا".
وأوضح المسباح في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) أن "المطرب شخص من أهل البلد يعرف طرقها ومسالكها يسير في الشوارع ذهابا وايابا لينادي بما كلف بالإعلان أو الإبلاغ عنه من مفقودات أو سلع أو أي حدث أهلي أو رسمي".
وكانت الجهات الرسمية تستعين بالمطرب حين ترغب بالإبلاغ عن شيء ما للناس أو البحث عن مفقود أو الاستدلال على أحد وبالإضافة إلى ذلك فإنه في حال فقدان شيء فإن الناس يندبون هذا المطرب وبأجر متفق عليه سلفا على أن يسير في الشوارع ليعلن بين الناس ما انتدب من أجله مرارا.
وحين يبدأ المطرب بالإعلان فلا بد أن يكون صوته عاليا يسمعه الجميع ليتعرفوا منه على مواصفات الشيء المفقود الذي قد يتطلب أياما أو أسابيع للعثور عليه.
وعلى العكس من ذلك فقد ينادي المطرب لإعلام الناس بأن شخصا وجد شيئا مفقودا ثمينا أو عاديا ولا يعرف صاحبه من يكون وعندها يتم ندب المطرب لينادي بأنه على صاحب الشيء المفقود التوجه إلى فلان الموجود في المكان الفلاني ليتسلم ما فقده وتكون المكافأة للمطرب (ككروه) أي مبلغ من المال مقابل عمله.
وبحسب الباحث المسباح كان صاحب الشئ المفقود يحدد مكافأة ايضا لمن يجد مافقده قد تكون قيمته روبية على سبيل المثل ويردد المطرب حين ينادي عن الشيء المفقود عبارة (يا من عين الضالة والحلاوة روبية والعقلان على الله).
وانضمت مهنة المطرب إلى قائمة الحرف التي كانت سائدة في المجتمع الكويتي القديم والتي يعتمد الناس عليها في مجتمع ما قبل النفط ثم اندثرت بفعل التطور والتقدم الذي حصل في المجتمع الكويتي ولم يبق لهذه الحرف أي أثر أو وجود يذكر في المجتمع الكويتي الحديث.
وما يجمع هذه المهن المندثرة أنها كانت تعتمد على الحرفة وليست بضائع تباع وتشرى بل كان أصحابها يجولون في الطرقات ويعرضون مهنهم على الناس بحثا عن لقمة العيش في مجتمع ساده الفقر.
ورغم أن تلك المهن القديمة اندثرت ولم تعد موجودة في المجتمع الكويتي الحديث إلا أنها ما تزال حية في ذاكرة الكويتيين بعدما لعبت دورا أساسيا في حياتهم البسيطة والقاسية في الماضي.(النهاية) س ط م / م ص ع