A+ A-

مستقبل أوروبا في مواجهة تحديات التفكك

من نواب خان

بروكسل - 5 - 10 (كونا) -- كشفت سلسلة الأزمات المتراكمة التي تواجه الاتحاد الأوروبي مثل أوكرانيا واليونان والمهاجرين عن انقسامات عميقة في القارة العجوز مما يشكل تهديدا خطيرا لحلم بناء أوروبا موحدة.
وقد أثرت الأزمة في أوكرانيا التي أدت إلى الاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم بشكل كبير على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا ووضعت مستقبل موسكو العسكري وتطلعاتها السياسية في أوروبا موضع تساؤل.
كما أن التدخل العسكري الروسي في الآونة الأخيرة في سوريا قد فاقم الأزمة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.
وقد أدت الازمة المالية الحادة التي عصفت باقتصاد اثينا والديون التي تفاقمت عليها الى مخاوف من خروج اليونان من منطقة اليورو وقرب انهيار اليورو.
ويحذر المحللون من أن الأزمة السياسية والمالية في اليونان التي أجرت انتخاباتها البرلمانية الثانية في سبتمبر الماضي لم تنته بعد وهو ما قد يؤدي الى ظهور "كابوس" الخروج من منطقة اليورو على السطح مجددا في أي وقت.
وأعقب الأزمة اليونانية أزمة أشد هي اللاجئون وقد أضرت بعملية التكامل الأوروبي ومثلت تهديدا خطيرا لأحد أهم الانجازات وهي التكامل الأوروبي وحرية التنقل داخل منطقة الشنغن.
ولم تلق مناشدات من جانب زعماء الاتحاد الأوروبي لاعتماد نهج أوروبي مشترك في التعامل مع أزمة المهاجرين اهتماما لسنوات مع قيام عدد من دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا والنمسا وبلجيكا وهنغاريا وهولندا باعادة السيطرة على الحدود واعتماد دول اخرى قواعد ولوائح وطنية في التعامل مع هذه الأزمة.
وقبل 25 عاما عندما سقط سور برلين رفع القادة الأوروبيون بفخر شعار "لا مزيد من الجدران مجددا" ولكن العديد من الدول الأوروبية تقوم حاليا ببناء الجدران مجددا وهو ما يظهر تجزئة عملية التكامل الأوروبي.
وقد قامت هنغاريا ببناء سور عال على طول حدودها مع صربيا البالغ طولها 175 كيلومترا لمنع اللاجئين وبخاصة السوريين والعراقيين من دخول البلاد كما تقوم المملكة المتحدة ببناء سياج جديد حول محطة نفق بحر المانش في كاليه بفرنسا للسبب ذاته.
بدورها بدأت بلغاريا في بناء سياج على طول حدودها مع تركيا لوقف المتاجرين بالبشر من تهريب المهاجرين إلى أوروبا.
الى جانب ذلك شهد العالم في ذهول محض وعدم تصديق كيف تتشاجر الدول الأوروبية مع بعضها على قبول الحصص لتوزيع 160 ألف لاجئ في الاتحاد الذي يبلغ عدد سكانه 507 ملايين نسمة.
ويشير المحللون إلى أن الصور التلفزيونية ومقاطع الفيديو التي تظهر إساءة معاملة آلاف اللاجئين سيما في هنغاريا واليونان والهجوم على المنازل في مأوى للاجئين بألمانيا قد وجهت ضربة قاصمة لمزاعم الاتحاد الأوروبي بانه بطل عالمي لحقوق الإنسان والتسامح.
ويرى المراقبون أنه من السهل جدا بالنسبة للأوروبيين نصح الآخرين فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان والتسامح ولكن الدروس سرعان ما تنسى ويتم التغاضي عنها في اوقات الأزمات والطوارئ في أوروبا نفسها.
وفي الوقت الذي لاتزال فيه أوروبا تكافح للتعامل مع أزمة المهاجرين انفجرت فضيحة أخرى كاملة مرتبطة بشركة (فولكس فاغن) الالمانية لصناعة السيارات.
وقد ألقت فضيحة تلاعب (فولكس فاغن) في اختبارات انبعاثات العوادم في الولايات المتحدة وأوروبا بظلال سوداء على صناعة السيارة بأكملها.
واعتبر التلاعب أيضا ضربة قاسية لل"صورة النظيفة" لألمانيا التي كانت تحاول الترويج للشركة عالميا.
وعلاوة على ذلك أدى الفوز الأخير للأحزاب التي تسعى للانفصال في منطقة كاتالونيا شمال شرقي إسبانيا لتهديدات بمنع كاتالونيا من الانضمام الى الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو في حال انفصلت عن اسبانيا.
ويحذر المحللون من أنه بالإضافة إلى ذلك فان احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وإمكانية انسحاب المملكة المتحدة من الكتلة الاوروبية في استفتاء من المتوقع أن يجرى في عام 2017 يمكن أن يؤدي إلى انهيار الاتحاد نفسه.
ويرون أن جدول أعمال السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي سيكون ضحية رئيسة لهذه الأزمات مع انخراط الاتحاد المكون من 28 دولة عضوا أكثر في التعامل مع مشاكله الداخلية أكثر من القضايا الخارجية وبالتالي فقدان النفوذ والتأثير على شكل التطورات العالمية.
يذكر ان دول الاتحاد الاوروبي واجهت اخيرا زيادة غير مسبوقة في تدفق اللاجئين سيما من سوريا الى اراضيها.
واتفق قادة دول الاتحاد الأوروبي خلال قمة طارئة عقدت في 24 سبتمبر الماضي على المساهمة بمليار يورو على الأقل لوكالات الأمم المتحدة للمساعدة في التعامل مع أزمة الهجرة واللجوء غير المسبوقة كما وافق وزراء داخلية دول الاتحاد الاوروبي في اجتماع طارئ قبل ذلك بيومين على توزيع 120 الف لاجىء في اوروبا بين دول الاتحاد. (النهاية) ن خ / م م ج (حرره: محمد الجعبيري)